حلب تريد لها رجالا كمّلا |
|
ليدبروا أمر العباد وينصفوا |
وإذا بغى باغ تولوا قمعه |
|
بسديد رأي صائب وتألفوا |
واستجلبوا الدعوات من صلحائهم |
|
لملوكهم وتضرعوا وتلهفوا) |
وكتب للمقر الزيني أبي بكر بن مزهر الشافعي يطلب منه إسعافه قصة خالية عن حرف الألف خطا ورفعها إليه على يد عمي القاضي نظام الدين يحيى ، إلا أنه لم يكتب له هذه إلا وهو في ترسيم خاصكي بعد آخر (هكذا) إلى أن آل أمره إلى السجن فرفع وهو فيه إلى الأشرف قايتباي نظير هذه القصة كما علمت. ثم ألف له وهو فيه أيضا كتابة الموسوم «بمفاتيح الكنوز الثنية المشتملة على الأدعية المروية الجالبة للخيرات الدنيوية والأخروية المهداة إلى الخزائن الأشرفية» ورفعه إليه يوم الموكب على يد إبراهيم بن شمس الجمالي فقال له : قل للقاضي جمال الدين يرسل لنا من كنوزه ، فقال في جوابه بديهة. كيف وقد صارت مفاتيحها بيد مولانا السلطان ، فأعجبه الجواب ففرج عن جدي وجبر قلبه وولاه قضاء الحنابلة بحلب كما كان سنة خمس وتسعين.
قال السخاوي : وكذا ولي نظر القلعة والجوالي ، وطلب مرة أخرى في أيام سلطنته إلى الأبواب الشريفة لشكاية بعض الحلبيين عليه بأنه حكم بصحة بيع وقف عامر آل ريعه إليه ، فسأله قاضي الجنابلة بالديار المصرية بدر الدين السعدي : على أي نقل مسوغ لهذا البيع اعتمدت؟ فسكت طويلا ، فأعاد عليه سؤاله فأطال سكوته ثانيا ، فكرر السؤال ثالثا فأخذ يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر المرة بعد المرة ، إلى أن قال : اعتمادي على نقل في الكتاب الفلاني وكان النقل من خبايا زواياه ، فأنكر عليه قوله وشدد عليه في السؤال رابع مرة إلى أن ظهر النقل حيث لا يعهد ذكره فيه ، فظهر أن الحق بيده ، فأثنى عليه قاضي القضاة السعدي ، وبلغ ذلك السلطان قايتباي فأذن له إذنا خاصا في إجراء الأحكام الشرعية بالقاهرة بين طائفتين من الحلبيين كانوا قد توجهوا إليها في دعاوي مشكلة تتعلق بأوقافهم من جهة الاستحقاق والحجب عنه ، فكان قضاتها يعجزون عن فصلها لعدم خبرتهم بأنساب أهلها ، فحكم بينهم بالأمر السلطاني ، وعاد إلى حلب وهو على وظيفته بل وظائفه.
وفي سنة تسع وتسعين وثمانمائة ولي مشيخة الشيوخ بحلب مضافة إلى منصب القضاء وما معه بعد أن اجتمع بدار العدل بهما ، وكافلها يومئذ السيفي أزدمر ، وجماعة من قضاة