بذكره عالما ، فقد خضع له شيخ حنابلة الشام العلاء المرداوي وأذعن له إذ أخطأ في أشياء كائنة في تصانيفه.
وولي جدي قضاء الركب الحجازي. وفي ثالث عشر شهر رجب سنة ثمان وأربعين وثمانماية ولاه العز النحريري الحكم بمدينة ديركوش وأعمالها ، ثم ولاه السوبيني وظيفة الحكم والقضاء بمدينتي كلّس والراوندان سنة خمسين وثمانماية ، وفيها أذن له أمير المؤمنين المستكفي بالله العباسي في العقود الحكمية بحلب وأعمالها وفي الفسوخ على قاعدة مذهبه وكتب له خطه بالإذن على هامش قصة رفعها إليه. وفي ثالث ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وثمانماية ولاه الأثير ابن الشحنة الحنفي خلافة الحكم بمدينة الباب ، وكان كل قاض مأذونا له في نصب من يحكم في الوقايع على قاعدة مذهبه حيث لا خلاف بين الناصب والمنصوب.
ثم تولى قضاء حلب في حدود الستين على ما ذكره قاضي القضاة مجير الدين المقدسي الحنبلي في تاريخه المسمى «بالتاريخ المعتبر في أنباء من عبر» حيث قال في ترجمته : وكان من أهل الفضل حسن الشكل وخطه حسن وله مروءة وشهامة ، وكانت ولايته لمنصب القضاء بحلب في دولة الملك الأشرف إينال في حدود الستين وثمانماية عوضا عن قاضي القضاة علاء الدين مفلح رحمهالله تعالى. انتهى.
وذكر في موضع آخر في تاريخه هذا أن العزل والولاية وقعا لجدي به مرات ، ويعضد ما ذكر تصريح الشيخ أبي ذر في تاريخه بوقوع ولاية جدي به في صفر سنة ستين وثمانماية ، فلما كانت دولة الملك الظاهر خشقدم كتبت إليه مكاتبة من قبله مؤرخة في ربيع الأول سنة ثمان وستين وثمانماية تتضمن إعلامه بأن المقر الزيني بن مزهر الأنصاري الشافعي صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية فاوض مسامعه الشريفة في أمره وتزايد شكره فيه وثناؤه عليه وأنه قرره على ما بيده من قضاء الحنابلة بحلب ، وبعث له خلعة أمر كافلها في مثال (١) كتبه إليه بأن يلبسه إياها بدار العدل ، ثم عزل عنه ثم ولاه إياه سنة إحدى وسبعين وثمانماية وكتب له توقيع ، وهو المسمى الآن بالبراءة ، متوج بما نصه : الحمد لله الذي أعاد لمنصب الشريعة المطهرة الحاكم الذي تحلى من العلوم بحلل الجمال ،
__________________
(١) في الأصل : كتاب ، وفي «در الحبب» : مثال. والمثال : هو الأمر العادي أو القرار الذي يصدره السلطان لإنهاء أي خبر ، بالإضافة إلى دلالته عن معنى الوثيقة الإقطاعية.