هو العمدة في كل ما يبينه من مدح وقدح ، وهو في الدرجة التي رفعه الله إليها في الاقتداء والاتباع والخروج عن ذلك خدش في الإجماع.
إذا قالت حذام فصدقوها |
|
فإن القول ما قالت حذام (١) |
ولو أعرض عن هذا وكذا عما أشنع منه في حق غير واحد كالذهبي مؤرخ الإسلام ومن قبله الخطيب الذي الناس بعده في هذا الشأن عيال على كتبه ، وكالحنابلة حيث قال فيما سمعته منه : في كتب أصحابنا أنه تعقد عليه الجزية في ألفاظ كثر دعاء العز الحنبلي عليه بسببها بل سأل فيه من يتوسم استجابة دعائه ، وزاد صاحب الترجمة حتى دندن بالبخاري إلى غيرهم مما أتألم من حكايته فضلا عن إيراده بعبارته لكان كالواجب ولسلم من المعاطب ، وطالما خاض في كثير من أنساب الناس وكونهم غير عريقين في الإسلام ، وهذا لو كان صحيحا كان ذكره قبيحا.
وقد صار ابنه الصغير مع أحواله الظاهرة وخصاله المتنافرة المتكاثرة يقتفي أثر والده في ذلك ويتكلم في الكبار والصغار بكلام قبيح بعضه عندي بخطه. وفي سنة تسع وتسعين نسب إليه وصف البلقيني الكبير وولده بالعامية ، فاستفتى حفيده الناس في ذلك فاتفقوا على استحقاقه التعزير البليغ ، وصرح بعضهم بالنفي وعدم القبول منه لتوجيه ذلك بكون من لم يكن مجتهدا هو عامي نسأل الله السلامة.
وقد امتدحه للتعرض لنائله فحول الشعراء كالنواجي ، وسمعته يقول له في ولايته الأولى لكتابة السر مما سلك في مسلك غالب الشعراء : والله لم يلها بعد القاضي الفاضل مثلك وابن أبي السعود. وكان مغتبطا بكثرة محاضرته مرتبطا بفنائه وساحته ومن يليهم كالبرهانين المليحي والبقاعي ، واضطرب أمره فيه كعادته في السخط والرضى ، فمرة قال إنه أعظم رؤوس السنّة ، ومرة قال : كل شيء رضينا به وسكتنا عنه إلا التعرض للبخاري ، ومرة قال ما سلف في فعله مع التيزيني ، ومرة قال حسبما قرأته بخطه مما وقف عليه المحب :
إن كان نجل شحنة في نحسه |
|
قد جاء بالثقيل والخفيف |
فإنه المظنون فيه إذ أتى |
|
إنذار خير الخلق من ثقيف |
__________________
(١) البيت للجيم بن صعب ، وحذام امرأته.