حسنا ، ثم كان هو المنشىء لعهده في مرض موته لولده أحمد الملقب بالمؤيد إذ بويع فأبلغ حسبما أوردته في ترجمته من الذيل وغيره ، ولم يعدم مع ذلك من كلام كثير بحيث خاض الناس في تطيره من النور الأنبابي والبرهان الرقي ورغبته في زوالهما بما لم أثبته ، واستمر إلى أن استقر في قضاء الحنفية بعد ابن الديري وظن جمعه له مع كتابة السر وإذعانهم لما أظهر التعفف باشتراطه ، فخاب رجاؤه حيث انفصل عنها بأخي المنفصل ، وناكده في القضاء أتم مناكدة وظهرت بركة المنفصل فيهما معا لانفصال الأخ ثم القاضي قبل استكمال عشرة أشهر ، ومات المستقر عوضه بعد خمسة أشهر فأعيد وألزم بالحج ، فسافر وهو متلبس بالقضاء مظهرا التكلف لذلك وأمير ركب الأول حينئذ الشرف يحيى بن يشبك الفقيه زوج ابنته ، وعاد فدام في القضاء حتى صرف ثم أعيد ثم صرف ولم يتول بعدها ، نعم استقر في مشيخة الشيخونية تصوفا وتدريسا مضافا لما كان استقر فيه في أثناء ولايته القضاء من تدريس الحديث بالمؤيدية.
ورام حوز جهات كثيرة في الديار المصرية كما فعل في المملكة الحلبية فما قدر ، فإنه استنزل لنفسه عن تصوف بالأشرفية برسباي ولولده الصغير عن إعادة بالصر غتمشية لمناكدة ابن الأقصرائي في مشيختيهما ، وزوج الابن أيضا بابنة العضدي الصيرامي ليتوصل بها لمشيخة البرقوقية بعد أن رام تزويجه بابنة البدر ابن الصواف ليحوز أمواله وغيرها ، وأكثر من التسليط على خازن المحمودية لينزل له عنها فما سمح عن عزل نفسه عن النيابة لينقطع حكمه فيه. وقال لي من خير : وتلطف حين كان كاتب السر بالبدر ابن شيخنا ورغبة في الوقوف به إلى السلطان ليعيد له مشيخة البيبرسية ويستردها من ابن القاياتي بشرط رغبته له عنها بعد العود ، فامتنع وأبرز بعد موت ابن عبيد الله نزولا منه بسائر ما معه من تدريس ومشيخة وغير ذلك فلم يصل لشيء مما ذكر ، بل دندن بالأمين الأقصرائي لتخرج وظائفه عنه في حياته حتى ظفر بإجازة بخطه زعم أن فيها ما يدل على اختلاله وصار يقول : قد أخرجت الشيخونية عن فلان حين بلغ لنحو هذا الحد ويأبى الله إلا ما أراد (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ)(١). وتوسع في التلفت للوظائف ولو لم تكن جليلة حتى إنه سعى فيما كان باسم البدر الهيتي من تصرفات وأطلاب ونحوها مع كونه ترك أبا شيخا كبيرا من قضاة الشرع ، واستكتب ناظر البيبرسية والسعيدية على وظائف الشهاب
__________________
(١) النور : ٤٠.