ولم يستكثر من لقاء الشيوخ بل ولا من المسموع واكتفى بشيخه البرهان مع ما قدمته ، نعم هو مثبت في استدعاء النجم ابن فهد الذي أجاز فيه خلقا من أماكن شتى ، وكذا لم يتيسر له الاشتغال بالعروض مع أنه إذا سئل النظم من أي بحر منه يفعل حسبما قاله وأن عمه العلاء سأله وهو ابن اثنتي عشرة سنة أو نحوها : أتحسن الوزن؟ فقال له : نعم ، فقال : فعارض لي قول الشاعر :
أمط اللثام عن العذار السابل |
|
ليقوم عذري فيك بين عواذلي |
فقال بديهة :
اكشف لثامك عن عذارك قاتلي |
|
لتموت غما إن رأتك عواذلي |
قال : فاستحسن العم ذلك.
وسمع من لفظ الزين قاسم جامع مسانيد أبي حنيفة للخوارزمي ، وكان يستمد منه ومن البدر ابن عبيد الله حين كان ولده الصغير يقرأ على كل منهما بحضرته ، كما أنه كان يستمد من كاتبه بالمشافهة والمراسلة ونحوها حين كان يتردد إليه ، بل ربما سمع بعض تصانيفه بقراءة ابنه أو سبطه عليه بحضرته.
وأول ما ولي من الوظائف اشتراكه مع أخيه عبد اللطيف في تدريس الأشقتمرية والجردكية والحلاوية والشاذبختية برغبة أبيهما لهما عنها قبل موته ، ثم استقل في سنة عشرين بالأولى وعمل فيها أجملا سادسة له [هكذا] شيخه (١) البدر بن سلامة ، وأنشد البدر حينئذ مشافها له :
أقسمت إن جدّ وطال المدى |
|
روى الورى من بحره الزاخر |
فقل لمن بالسبق قد فضّلوا |
|
كم ترك الأول للآخر |
وقضاء العسكر ببلده برغبة التاج ابن الحافظ وإمضاء المؤيد إذ حل ركابه بحلب فيها ، ثم بتدريس الشاذبختية بعد ولد قاضي حلب يوسف الكوفي ، ثم قضاء الحنفية ببلده في سنة ست وثلاثين ولاه إياه الأشرف إذ حل ركابه فيها ، وكانت الوظيفة كما قال شيخنا
__________________
(١) في «الضوء اللامع» : وعمل فيها أجلاسا رتبه له شيخه.