وأخذ عن الآخيرين في الفقه وعظم انتفاعه بثانيهما ، وقرأ عليه في أصلي الديانة والفقه وفي المنطق تجريد الشمسية ، كما أخذه عن مؤلفه أحمد الجندي واشتدت عنايته بملازمته ، وعنهما أخذ العربية وكذا عن عمه وآخرين كالشهاب ابن هلال قرأ عليه الحاجبية. قال : وكان يتوقد ذكاء غير أنه كان ممتحنا بابن عربي ، وكذا ما مات حتى اختل عقله. ولازم البرهان حافظ بلده في فنون الحديث وحمل عليه أشياء بقراءته وقراءة غيره وتخرج به قليلا وضبط عنه فوائد وقال : إنه كان يصرفه عن الاشتغال بالمنطق ويقول : كان جدك الكمال يلوم ولده والدك على توسعه فيه. وصاهر العلاء ابن خطيب الناصرية فانتفع به وكتب عنه أشياء ، وكذا أخذ القليل عن شيخنا حين قدومه عليهم في سفرة آمد بعد أن كان راسله سنة ثمان وعشرين يستدعي منه الإجازة قائلا في استدعائه :
وإن عاقت الأيام عن لثم تربكم |
|
وضنّ زماني أن أفوز بطائل |
كتبت إليكم مستجيزا لعلني |
|
أبلّ اشتياقي منكم بالرسائل |
وفي هذه السنة أجاز له من بعلبك البرهان ابن المرحل ، ومن القاهرة الشهاب الواسطي والشهاب المعروف بالشهاب التائب. وسمع ببلده من الشهابين أبي جعفر ابن العجمي وابن السفاح وأبي الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الشاهد وست العرب ابنة إبراهيم بن محمد بن أبي جرداة ، وأخذ بحماة حين توجه لملاقاة عمه إذ حج عن النور محمود ابن خطيب الدهشة. وأول ما دخل القاهرة مستقلا بنفسه في سنة أربع وثلاثين ، ولقي بدمشق حينئذ العلاء بن سلام والشهاب بن الحبال وتذاكرا معه وسأله عن المراد في وصف الرجل بالذكر في قوله صلىاللهعليهوسلم (فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر) فأجاب بأنه ورد في بعض الأحاديث لفظ الرجل والمراد به الأنثى فالتأكيد لدفع التوهم فلينظر ، والعلاء البخاري وسمع مذاكرته مع ابن خطيب الناصرية. وبالقاهرة التقى المقريزي بل قال إنه جاءه صحبة شيخنا للسلام عليه وإنه اتفقت نادرة بديعة الاتفاق وهي أن المحب سأل من شيخنا عن رفيقه لكونه لم يكن يعرف شخصه ، فأعلمه بأنه المقريزي وأظهر التعجب من ذلك لكونه فيما سلف عند إشاعة مجيء والده التمس من المقريزي لعدم سبق معرفته به استصحابه معه للسلام ففعل ، وجاءه ليتوجها فلم يجده فانتظره حتى جاء ، ثم توجها فسأله الوالد عني ، واتفق الآن مثل ذلك فإني توجهت للتقي فقيل لي إنه بالحمّام ، فانتظرته ثم جئنا فسلمنا فسألتم مني عنه فتقارضنا والله أعلم.