وعلى إثر الزلزلة التي حصلت سنة ١٢٣٧ تخربت أروقة الجامع ولم يبق منه سوى قسم من القبلية ، وعقاراته كذلك كانت مشرفة على الخراب وأجرتها زهيدة جدا ، لذا سعي في إخراج الدكاكين من نفس الجامع وصاروا يولون على هذا الوقف من خيرة العلماء والصلحاء ، وآخر من ولي منهم الشيخ أحمد الكواكبي ، وبعد وفاته تولى عليه الشيخ عبد السلام الترمانيني ثم ولده الشيخ محمد بدر الدين الذي توفي سنة ١٣٠٩ ، وبعد وفاته ولي ولده صديقنا الأديب الفاضل الشيخ محمد بهاء الدين الترمانيني مدير نفوس ولاية حلب الآن ، فاهتم بعمارته وعمر رواقه الشرقي والشمالي وبنى في هذا حجرة واسعة داخلها قسطل ليتوضأ منه ويصلى هناك وقت الشتاء ، وبلط صحنه بالرخام الأبيض ، وفي سنة ١٣٤٣ سعى بترميمه وتدهينه فعادت إليه بهجته ، وكذا اهتم في ترميم وقفه حتى بلغ ريعها إلى ما تقدم.
وممن وقف على هذا الجامع الأمير مقبل بن عبد الله ، فإنه شرط في كتاب وقفه المؤرخ سنة ٩٤٢ أن يعين ثلاثة أشخاص من حفظة القرآن العظيم يقرؤون بين المنبر والمحراب كل يوم جمعة قبل الصلاة ، وعين لكل واحد منهم أربعين درهما فضة وهو من الأوقاف الأعشارية المضبوطة لدائرة أوقاف حلب.
ومنارة الجامع لم تزل باقية من عهد بناء الواقف ، وهي كما وصفها الشيخ أبو ذر يعجب الناظر لها لإحكام صنعتها وحسن هندستها يخالها من يراها أنها قطعة واحدة ، وهي في مقدمة الآثار العربية القديمة الباقية في حلب ، وإليك صورتها :