وتركيبها ودرابزينها من الأحجار المخرمة. وإلى جانب هذا الجامع مسجد قديم لم يغيره الواقف ، إنما جعله في جانب جامعه من الغرب وفتح بينهما. انتهى.
وبيت المهمندار كان بيت سعادة وحشمة ومعروف ورياسة وثروة كبيرة ، فآل ذلك إلى الأخوين وهما ناصر الدين محمد وشهاب الدين أحمد ، فتوفي شهاب الدين عن ولد ذكر ، وأما ناصر الدين فلم يتزوج قط ، وكان محتشما قليل الكلام ، وله ثروة عظيمة ، وكان يحب جمع الكتب النفيسة والأشياء النفيسة من كل فن. أخبرني القاضي علاء الدين الحاضري قال : اجتمعت به يوما وكان ابن أخيه يوسف صغيرا ، فخرج يلعب فزجره عمه فنهيته عن ذلك فقال لي : إن عمر هذا يبيع مسامير بيتنا. وتوفي ناصر الدين المذكور فورثه ابن أخيه يوسف فحبب إليه الحج ، فحج حجتين عظيمتين وأصرف عليهما أموالا كثيرة وبدرا (١) وباع الأملاك شيئا فشيئا ولم يبق له أثره لكن في أنواع الخير لا في معصية ا ه.
المكتوب على جدار الجامع المذكور بجانب الباب :
ملعون من تعاطى تصوير ما فيه روح بقرب هذا الجامع أو يرفع صورة ما فيها روح ليجمع الناس عليها أو يبيعها ، ومن فعل ذلك كان داخلا في عموم قوله صلىاللهعليهوسلم (إن أصحاب هذا الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) ا ه وهي بغير تاريخ.
أقول : هذا الجامع في المحلة المعروفة بالفرافرة داخل باب النصر ، ويعرف عند الناس بجامع القاضي. وكان عمر بن موسى بن علي المهمندار بالمملكة الحلبية وقف بعد الثمانمائة وقفا كبيرا بحلب وعينتاب وفي بعض القرى وجعل ثلث ريعه لهذا الجامع ، ومنذ مائة سنة تغلبت الناس والحكومة ودائرة الأوقاف على هذه العقارات ولم يبق بيد المتولين شيء مما وقفه عمر بن موسى المذكور ، والباقي له الآن من العقارات ٢٥ دكانا منها ثمانية مخرجة من نفس الجامع ومنها ما هو مخرج من المحكمة الشرعية أخرج منها ثمان دكاكين والباقي هو في السوق المعروف بسويقة علي بالقرب من الجامع ، وله ربع حمّام السلطان التي هي تحت القلعة وسدس حمّام البشاشير في عينتاب المعروفة (بحمام إيكي قبولي) الواقعة في محلة ابن أيوب ، وتبلغ واردات أوقافه الآن نحو ستين ألفا أي نحو مائتين وعشرين ليرة عثمانية ذهبا.
__________________
(١) في مخطوطة «كنوز الذهب» : وبذر.