عليه بنفسه كتابا لم يقرأه قبلها وهو مشيخة الفخر ابن البخاري ، هذا مع أنه لم يكن حينئذ منفردا بالكتاب المذكور ، بل كان بالشام غير واحد ممن سمعه على الصلاح بن أبي عمر أيضا فكان في ذلك أعظم منقبة لكل منهما ، وقد كان يمكن شيخنا أن يأمر أحدا من الطلبة بقراءتها كما فعل في غيرها ، فقد سمع عليه بقراءة غيره أشياء وحدث هو وإياه معا بمسند الشافعي ، والمحدث الفاضل ترجمه شيخنا حينئذ بقوله : وله الآن بضع وستون سنة يسمع الحديث ويقرؤه مع الدين والتواضع واطراح التكلف وعدم الالتفات إلى بني الدنيا. قال : ومصنفاته ممتعة محررة دالة على تتبع زائد وإتقان. قال : وهو قليل المباحث فيها كثير النقل. وقال في مقدمة المشيخة التي جمعها له : أما بعد فقد وقفت على ثبت الشيخ الإمام العلامة الحافظ المسند شيخ السنة النبوية برهان الدين الحلبي سبط ابن العجمي لما قدمت حلب في شهور سنة ست وثلاثين ، فرأيته يشتمل على مسموعاته ومستجازاته وما تحمله في بلاده وفي رحلاته وبيان ذلك مفصلا ، وسألته هل جمع لنفسه معجما أو مشيخة فاعتذر بالشغل بغيره وأنه يقنع بالثبت المذكور إذا أراد الكشف عن شيء من مسموعاته وأن الحروف لم تكمل عنده ، فلما رجعت إلى القاهرة راجعت ما علقته من الثبت المذكور وأحببت أن أخرج له مشيخة أذكر فيها أحوال الشيوخ المذكورين ومروياتهم ليستفيدها الرحالة فإنه اليوم أحق الناس بالرحلة إليه لعلو سنده حسا ومعنى معرفته بالعلوم فنا فنا أثابه الحسنى آمين. وفهرس المشيخة بخطه بما نصه : جزء فيه تراجم مشايخ شيخ الحفاظ برهان الدين ، ثم عزم على إرسال نسخة بها إليه وكتب بظاهرها ما نصه : المسؤول من فضل سيدنا وشيخنا الشيخ برهان الدين ومن فضل ولده الإمام موفق الدين (هو أبو ذر وستأتي ترجمته) الوقوف على هذه الكراريس وتأمل التراجم المذكورة فيها وسد ما أمكن من البياض لإلحاق ما وقف على مسطرها من معرفة أحوال من بيض على ترجمته وإعادة هذه الكراريس بعد الفراغ من هذا الغرض إلى الفقير مسطرها صحبة من يوثق به إن شاء الله. وكذا سيأتي في ترجمة ولده (يعني الموفق أباذر) وصف شيخنا لصاحب الترجمة بشيخنا الإمام العلامة الحافظ الذي اشتهر بالرعاية في الإمامة حتى صار هذا الوصف له علامة أمتع الله المسلمين ببقائه.
وسئل (أي الحافظ ابن حجر) عنه وعن حافظ دمشق الشمس ابن ناصر الدين فقال :