وكان كما قاله ابن خطيب الناصرية فقيها فاضلا مستحضرا لمحفوظاته في العلوم ، لكنه كان يكثر الوقيعة في الناس واغتيابهم وربما يمقت لأجل ذلك. وقال غيره : إنه كان إماما عالما علامة أديبا بارعا مفننا حامل لواء مذهب الحنفية بحلب من غير منازع مع القدم الراسخة في بقية العلوم والنظم الرايق والنثر الفايق والقدرة الزائدة على التعبير عما في نفسه. وقد أعطى شيخنا بعض تصانيفه له ليقرظها له عند حلوله بحلب (أقول : كان مجيء الحافظ ابن حجر العسقلاني شيخ الحافظ السخاوي إلى حلب سنة ٨٣٦) فعاجله التوجه إلى آمد ، فأرسل إليه بقصيدة وافق وصولها يوم رحيله من البيرة إلى حلب وأجابه عنها حسبما أثبتها في الجواهر. وذكره في إنبائه وقال : إنه لما غلب قرايلك على ماردين نقله إلى آمد فأقام بها مدة ثم أفرج عنه فرجع إلى حلب. قال : وحصل له فالج قبل موته بنحو عشر سنين فانقطع ثم خف عنه لكنه صار ثقيل الحركة. قال : وكان حسن النظم والمذاكرة فقيها فاضلا صاحب فنون في العربية والمعاني والبيان. وقد مدحني بقصيدة رائية وأجبته عنها (١). ومات بعده في صفر. زاد غيره بعد عصر يوم الاثنين سادس عشريه سنة سبع وثلاثين وله اثنان وثمانون سنة ولم يخلف بعده بحلب مثله. وقد ذكرت له ترجمة حسنة في معجمي. قلت : ما وقفت عليه ، نعم رأيته علق عنه في فوائد رحلته من فوائده شيئا وافتتحه بقوله : أفادني فلان ا ه.
أقول : رأيت من مؤلفاته «مختصر موضوعات ابن الجوزي» بخط أبي ذر ابن البرهان المحدث في المكتبة البخشية في التكية الإخلاصية بحلب.
قال أبو ذر في ترجمته : وكتب إلى والدي سنة ثلاث عشرة وقد ولد له مولود :
__________________
(١) مطلعها كما في تاريخ أبي ذر :
لبدر سنا علياك أبهى من البدر |
|
وطلعتك الغراء أبهى من الدر |
قال أبو ذر : وأجابه شيخنا الحافظ ابن حجر بقصيدة مطلعها :
بدت في سماء الحسن تزهر كالدر |
|
منورة تروي الحديث عن الزهري |
ومن جملتها :
تفاءلت إذ وافت من ابن سلامة |
|
غداة رحيلي بالسلامة والنصر |
وقد سمعت هذه القصيدة على شيخنا الناظم بمنزل شيخنا المذيل يوم الاثنين خامس شوال سنة ست وثلاثين وثمانماية ، وساقها بتمامها.