عمله بالجامع المذكور حضر معه شيخنا المؤرخ وتكلم على أول سورة فاطر ، ودرس بها الشيخ العالم الصالح الشيخ عبيد وستأتي ترجمته ، ثم لما آل الأمر والكلام على هذا الجامع لولده الزيني عمر كشط على الكتب من الوقف واستأصلها بيعا وآجر وقفها وشرط في كتاب وقفها محدثا يقرأ البخاري والسيرة النبوية وأن يصرف لشخص كل شهر مبلغ ليكنس الشارع الشرقي ويرشه لئلا يدخل الغبار إلى مدرسته.
وجدد بها ولده الزيني عمر بعده شيئا من الأبواب المنجورة ووقف واقفها لها ربعة تفرق يوم الجمعة ورتب لها مؤذنين للأوقات الخمس وإماما وقراء سبع في كل يوم طرفي النهار ويوم الجمعة قبل الصلاة وبعدها وقارىء كرسي وغير ذلك من خبز ومشتغلين.
انتهى. وقد أقام القاضي شهاب الدين القاضي كمال الدين ابن الخطيب يكتب مصروف عمارة المدرسة ، فلما وصل إلى صرف خمسة آلاف أفلوري (١) أمره بالإمساك عن الحساب وأن لا يرفع إليه حساب بعد اليوم. والصورة النحاس التي معلقة بها وقف المدرسة الصلاحية أخذها ووضعها في هذه المدرسة (٢). وابتدىء في عمارتها في أواخر سنة إحدى وعشرين وتمت في أوائل سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. وتوفي واقفها رحمهالله تعالى بالقاهرة ثالث عشر رمضان سنة خمس وثلاثين ودفن بالقرافة عند أخيه ناصر الدين وترجمته مستوفاة عند أقاربه ا ه.
أقول : لم يزل باب هذا الجامع باقيا من عهد الواقف وكذا منارته البديعة التي هي فوق الباب ، وقد كان موقف المؤذنين فيها متهدما ولعله كان ذلك في زلزلة سنة ١٢٣٧ ، وقد رممت سنة ١٣٤٤. وهذه المنارة أخذت بالمصور الشمسي كثيرا قبل بناء ما تهدم منها ، وقبليته ليست واسعة ، ومنبرها الآن من خشب ولا سدة هناك ، وفي الجهة الشرقية من القبلية ساحة مبلطة فيها ثلاثة قبور أحدها مما يلي القبلة قبر الناصري ناصر الدين محمد ابن السفاح ، والثاني قبر صالح بن السفاح المتوفى سنة ٩٤٦ ، والثالث قبر القاضي أبي بكر أحمد بن السفاح المتوفى سنة ٩٢٣ ، والشباك الكبير المطل على الجادة من الجهة الشرقية لم يزل باقيا غير أنه لا أثر للنجارة التي ذكرها أبو ذر في الأبواب والشباك ، والموجود أبواب وشبابيك اعتيادية لا زخرفة فيها.
__________________
(١) نوع من النقود. قال أحمد تيمور باشا في فهرست كنوز الذهب : الفرينو كان بمصر والشام يقال له فيروني وذلك من نحو قرن.
(٢) لا أثر لها الآن.