قيل : والمراد بالكعبة في هذه الرواية ، الدرّة أو الياقوتة التي كانت هناك قبل الطوفان ، كما ورد في الأخبار (١) ، ويفهم منها أنّها الكعبة ، فلا تنافي بينهما ؛ لأنّ دحو القطعة من الأرض التي تحتها في يوم لا ينافي نزول تلك الدرة أو الجوهرة فيما بعده أو ما قبله ، وكذلك يمكن دفع الإشكال في التنافي بين ما دلّ على أنّ في ذلك اليوم دحيت الكعبة ، وما دلّ على أنّ فيه دحيت الأرض من تحتها ؛ إذ المراد بالكعبة هو موضعها.
نعم هنا إشكال آخر ، أورده الشهيد الثاني في فوائد القواعد ، وحاصله : أنّ مقتضى الروايات عد الشهور قبل الدحو ، فإنّ فيها أنّ الدحو في الخامس والعشرين ، وهو يقتضي تقدّم الأزمنة والأيّام والشهور على خلق الأرض ، ومن المعلوم أنّ الله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيّام ، وأنّ المراد من اليوم دوران الشمس في فلكها دورة واحدة ، وهو يقتضي خلق السماوات قبل ذلك ، فلا يتمّ عدّ الأشهر في تلك المدّة (٢).
وأُجيب عنه : بأنّ القرآن ناطق بتأخّر الدحو عن خلق السموات والأرض ، والليل والنهار ، حيث قال عزوجل (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣) وعلى هذا فيمكن تحقّق الأهلّة وعدّ الأيّام قبل ذلك (٤).
الخامس : يستحب صوم يوم عرفة وعن المنتهي والتذكرة أنّه اتفاق العلماء (٥) ؛ ، وذكروا له شرطين :
__________________
(١) البحار ٢ : ٨٦ ، وج ٥٥ : ٥٧ ، وج ٩٩ : ٥٨.
(٢) نقله عنه سبطه في المدارك ٦ : ٢٦٥.
(٣) النازعات : ٢٧.
(٤) المدارك ٦ : ٢٦٦.
(٥) المنتهي ٢ : ٦٠٩ ، التذكرة ٦ : ١٩٢.