أحدهما : أن لا يكون مُضعفاً عن الدعاء الذي هو عازم عليه في الكمية والكيفية ؛ لأنّ الجوع والعطش لا ينافيان الخشوع الذي هو روح العبادة ، سواء كان ناسكاً أو لا ؛ خلافاً لبعض العامة ، حيث أطلق الكراهة للحاج (١).
ويستفاد من ذلك : أنّ دعاء هذا اليوم أفضل من الصوم.
وثانيهما : تحقّق الهلال عنده ، فلو احتمل كون اليوم عيداً في نفس الأمر ؛ لاحتمال كون الهلال من الماضية ، فلا يستحب ؛ تحرزاً عمّا هو حرام بالذات.
وأما الأخبار الواردة فيه ، فأما في أصل الاستحباب فموثّقة عبد الرحمن ابن أبي عبد الله ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : «صوم يوم عرفة يعدل السنة» وقال : «لم يصُمه الحسن ، وصامه الحسين»» ، ورواها الشيخ (٢).
وروى الصدوق مرسلاً ، عن موسى بن جعفر عليهالسلام ، قال : «من صام أوّل يوم من ذي الحجّة ، كتب الله له صوم ثمانين شهراً ؛ فإن صام التسع ، كتب الله عزوجل له صوم الدهر» ، قال ، وقال الصادق عليهالسلام : «صوم يوم التروية كفّارة سنة ، ويوم عرفة كفّارة سنتين» ، ثمّ قال : وروى أنّ في أوّل يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليهالسلام ، فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة ستّين سنة ، وفي تسع من ذي الحجة أُنزلت توبة داود عليهالسلام ، فمن صام ذلك اليوم ، كان كفّارة تسعين سنة» (٣).
وروى الكليني في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما» : سئل عن صوم عرفة ، فقال : «أنا أصوم اليوم ، وهو يوم دعاء ومسألة» (٤).
وروى الشيخ في الصحيح ، عن سليمان الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول : «كان أبي يصوم عرفة في اليوم الحارّ في الموقف ، ويأمر بظلّ مرتفع فيضرب له ،
__________________
(١) المجموع ٦ : ٣٨٠ ، المغني ٣ : ١١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠١ ، وانظر التذكرة ٦ : ١٩٢.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٩٨ ح ٩٠٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٣ ح ٤٣٢ ، الوسائل ٧ : ٣٤٤ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٥.
(٣) الفقيه ٢ : ٥٢ ح ٢٣٠ ـ ٢٣٢ ، الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٨ ح ٣ ـ ٥.
(٤) الكافي ٤ : ١٤٥ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٤٣ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ١.