واحتجّ في المختلف له بوجوه ، الأوّل : أنّ كفّارة العبد نصف كفّارة الحرّ ، والتنصيف كما يكون في العدد كذا يكون في الوصف ، وكما أجزأ تتابع الشهرين بيوم ، كذا النصف يحصل التتابع به ؛ لأنّ الشهر في معرض النقصان ، فلو أوجبنا تتابع الستة عشر يوماً لزدنا على حكم الشهرين ، فاكتفي بتتابع الخمسة عشر التي تزيد على نصف الناقص بنصف يوم (١).
وحاصله : أنّ كفّارة العبد نصف كفّارة الحرّ ، وكما يُعتبر التتابع بين نصفي كفّارة الحرّ ، بمعنى لزوم اتصال الشهر الثاني بالأوّل ، كذلك يُعتبر بين آحاد النصف الأوّل جميعاً في كفّارة العبد التي هي نصف كفّارة الحرّ ، وكما يكون المعيار في حصول التنصيف في العدد وحصول وصف التتابع بين الشطرين في كفّارة الحرّ بيوم واحد ، فكذلك المعيار في حصولهما في جميع كفّارة العبد ، وإجزاء الشطر الأوّل منها يكون بيوم ، وذلك لأنّ الشهر في معرض النقصان.
فكما لو شرع الحرّ في الصيام في أوّل الهلال واتفق كون الشهر ناقصاً لا يحصل العلم بتنصيف زمان الكفّارة بصوم تسعة وعشرين ؛ إذ قد يكون الشهر القابل تماماً ، فيكون أزيد من الأوّل ، فالتنصيف إنما يحصل بزيادة نصف يوم.
وإذا لوحظ مع ذلك حصول التتابع بينهما ، فلا يمكن إلا بزيادة يوم ، فيكون صوم اليوم الأوّل من الشهر الثاني متمماً للنصف الأوّل ، ولا يتمّ إلا به ؛ لعدم جواز تبعّض الصوم ؛ ومحصلاً لتتابع الثاني ؛ إذ به يدخل في النصف الثاني.
وكذلك العبد لو شرع يوم السادس عشر من الشهر الهلالي واتفق ناقصاً ، فلا يحصل العلم بتنصيف العدد مع تتابع جميع أجزاء الشطر الأوّل إلا بانضمام يوم آخر من أوّل الثاني هو الخامس عشر ، وذلك لأنّ الصوم لا يتبعّض ، فلا يمكن الاكتفاء بنصف اليوم ، فيحتاج في تحصيل تتابع صيام جميع أيّام الشطر الأوّل إلى صوم ذلك
__________________
(١) المختلف ٣ : ٥٦٣.