وأُورد عليه : بأنّ القصير إن لم يكن منافياً للماهية ، فلا يكون مبطلاً في المختار أيضاً ؛ إذ المفروض أنّ علّة البطلان هي المنافاة للماهية ، وإن كان مُنافياً : فيكون مُبطلاً في المكره أيضاً.
فإن قلت : إنّ الإكراه من جملة الضرورات المستثناة.
قلت : فحينئذٍ فلا بدّ في كلّ الضرورات من التفصيل بالطول والقصر ، فما وجه الفرق؟!
وردّ : بأنّ الإجماع هو الذي أثبت البطلان بالخروج مختاراً ، بدون ضرورة ، وإن قصرت المدة.
أقول : والتحقيق أن يقال : المتبادر من الأخبار المانعة عن الخروج (١) ، هو الخروج الاختياري ، لا ما حصل بسبب إخراج الغير إيّاه ، والمتبادر من المستثنيات التي ذكر فيها هو الضروريات المعدودة المحدودة بالعرف والعادة ، على مقتضى كلّ منها ، وإن تفاوت بعضها مع بعض ، كأفراد تشييع الجنازة ، وعيادة المريض ، وغيرها بتفاوت طول المسافة ، وعدم الماء المحتاج إلى تحصيله ، ونحو ذلك ، فيثبت أنّ ذلك الخروج غير مضرّ على حسب العادة ، فحكم الخروج المتولد من إخراج الغير إيّاه كرهاً ليس بداخل في تلك الأخبار ، والأصل عدم مدخليّته في بطلان الاعتكاف.
نعم إذا طالَ زمانه بحيث صار ماحياً لصورة الاعتكاف ، بحيث يصحّ سلب «المعتكف» عنه في عُرف المتشرّعة ، فهو مُبطل له ، ولذلك ، لا لأنّه من أفراد الخروج المنهي عنه ، نظير الفعل الكثير في الصلاة على ما حقّقناه في محلّه ، أنّ المعيار فيه إنّما هو محو صورة الصلاة ، وكذلك الموالاة المعتبرة في الوضوء ، على المعنى الذي ذكرناه في محلّه أيضاً.
فإن قلت : إنّ الماحي لصورة الاعتكاف مُبطل في المختار أيضاً ، فلم يذكروه هنا.
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٤٠٨ أبواب الاعتكاف ب ٧