وأما الآحاد : فأن يكون ناقله عدلا (١) ، رجلا كان أو امرأة حرّا كان أو عبدا ، كما يشترط فى نقل الحديث ، لأن باللغة معرفة تفسيره ، وتأويله ، فاشترط فى نقلها ما اشترط فى نقله ، فإن كان ناقل اللغة فاسقا لم يقبل نقله.
ويقبل نقل العدل الواحد ، وأهل الأهواء إلا أن يكونوا ممن يتديّن بالكذب (٢).
وأما المرسل : وهو الذى انقطع سنده نحو أن يروى ابن دريد عن أبى زيد (٣) ، والمجهول : وهو الذى لم يعرف ناقله ، نحو أن يقول أبو بكر بن الأنبارى (٤) : حدثنى رجل عن ابن الأعرابى ، فلا يقبلان لأن العدالة شرط
__________________
وزعمت طائفة قليلة : أنه لا يفضى إلى علم البتة ، وتمسكت بشبهة ضعيفة ، وهى أن العلم لا يحصل بنقل كل واحد منهم ، فكذلك لا يحصل بنقل جماعتهم ، وهذه شبهة ظاهرة الفساد فإنه يثبت للجماعة ما لا يثبت للواحد ، فإن الواحد لو رام حمل حمل ثقيل لم يمكنه ذلك ، ولو اجتمع على حمله جماعة لأمكن ذلك ، فكذلك هاهنا» اه.
(١) انظر الفصل السادس من لمع الأدلة تحت عنوان «فى شرط نقل الآحاد».
(٢) انظر الفصل السابع من لمع الأدلة تحت عنوان «فى قبول نقل أهل الأهواء» ولقد مثل الأنبارى لمن يتدين بالكذب فقال «كالخطابية من الرافضة» قال الأفغانى : وهم أصحاب أبى الخطاب محمد بن أبى زيد الأسدى ، زعم أن أئمة الشيعة أنبياء ، ثم غلا فزعمهم آلهة ، فلما وقف الإمام جعفر الصادق على غلوه فى حقه ، تبرأ منه ولعنه ، وأمر أصحابه بالبراءة منه ، وانظر الملل والنحل للشهرستانى ص ٣٨٠.
(٣) أبو بكر بن دريد : ولد سنة ٢٢٣ ه ، وتوفى سنة ٣٢١ ه ، وأبو زيد الانصارى ولد سنة ١١٩ ه وتوفى سنة ٢١٥ ه ، فابن دريد لم يدرك أبا زيد ، فبينهما راو أو أكثر ، وهذا هو الانقطاع فى السند ، وانظر الفصل الثامن من لمع الأدلة. وبغية الوعاة ج ١ ص ٧٦ ـ ٨١ وص ٥٨٢ ـ ٥٨٣.
(٤) أبو بكر بن الأنبارى ليس هو أبو البركات صاحب لمع الأدلة ، وإنما هو محمد بن القاسم ، ولد سنة ٢٧١ ه وتوفى سنة ٣٢٨ ه ، وهو كوفى المذهب بخلاف صاحب لمع الأدلة ، فإنه بغدادى المذهب ، والمراد بابن الأعرابى : محمد بن زياد ، المتوفى سنة ٤٣١.