أن يستوحش من الأخذ عن كل أحد إلا أن تقوى لغته ، وتشيع فصاحته ، وقد قال الفراء فى بعض كلامه : «إلا أن تسمع شيئا من بدوى فصيح فتقوله».
[الفرع] السادس
[فى العربى الفصيح ينتقل لسانه]
قال ابن جنى : العمل فى ذلك أن ينظر حال ما انتقل إليه ، فإن كان فصيحا مثل لغته أخذ بها ، كما يؤخذ بما انتقل عنها (١) ، أو فاسدا فلا يؤخذ بالأولى (٢).
قال : فإن قيل فما يؤمنك ـ أن تكون كما وجدت فى لغته فسادا بعد أن لم يكن فيها ـ أن يكون فيها فساد آخر لم تعلمه؟
قيل : لو أخذ بهذا لأدى إلى أن لا تطيب نفس بلغة ، وأن يتوقف عن الأخذ عن كل أحد ، مخافة أن يكون فى لغته زيغ لا نعلمه الآن ، ويجوز أن يعلم بعد زمان ، وفى هذا من الخطل (٣) ما لا يخفى.
فالصواب الأخذ بما عرف صحته ، ولم يظهر فساده ، ولا يلتفت إلى احتمال الخلل فيه ما لم يبن.
__________________
(١) عبارة ابن جنى : «اعلم أن المعمول عليه فى نحو هذا أن تنظر ما انتقل إليه لسانه ، فإن كان إنما انتقل من لغته إلى لغة أخرى مثلها فصيحة ، وجب أن يأخذ بلغته التى انتقل إليها ، كما يؤخذ بها قبل انتقال لسانه إليها ، حتى كأنه إنما حضر غائب من أهل اللغة التى صار إليها ، أو نطق ساكت من أهلها» ، وانظر : ج ٢ ص ١٢ من الخصائص.
(٢) الخطل : المنطق الفاسد المضطرب.
(٣) قال ابن جنى : «فإن كانت اللغة التى انتقل لسانه إليها فاسدة لم يؤخذ بها ، [ويؤخذ] بالأولى ، حتى كأنه لم يزل من أهلها وهذا واضح» ، وانظر : الخصائص ج ٢ ص ١٢.