أحدهما : أن يكون من نطق به لم يحكم قياسه (١).
والآخر : أن تكون أنت قصرت عن استدراك وجه صحته ، ويحتمل أن يكون سمعه من غيره ممن ليس فصيحا ، وكثر استماعه له فسرى فى كلامه ، إلا أن ذلك قلما يقع ، فإن الأعرابى الفصيح إذا عدل به عن لغته الفصيحة إلى أخرى سقيمة عافها ولم يعبأ (٢) بها.
فالأولى أن يقبل ممن شهرت فصاحته ما يورده ، ويحمل أمره على ما عرف من حاله لا على ما عسى أن يحتمل ، كما أن على القاضى قبول شهادة من ظهرت عدالته ، وإن كان يجوز كذبه فى الباطن ، إذ لو لم يؤخذ بذلك ، لأدى إلى ترك الفصيح بالشك وسقوط كل اللغات.
[الفرع] الرابع
[اللغات والاحتجاج بها]
قال ابن جنى : اللغات (٣) على اختلافها كلها حجة ألا ترى أن لغة الحجازيين فى إعمال «ما» ، ولغة التميميين فى تركه ، كل منها يقبله القياس فليس لك أن ترد إحدى اللغتين بصاحبتها. وسيأتى فى ذلك مزيد كلام فى الكتاب السادس.
__________________
(١) فى الخصائص ج ٢ ص ٢ عبارته «لم يحكم قياسه على لغة آبائهم».
(٢) عبارة ابن جنى فى المرجع السابق «ولم يبهأ بها» ومعناه ولم يأنس بها ، فكلام ابن جنى أنسب من عبارة السيوطى الناقل عنه.
(٣) انظر الخصائص ج ٢ ص ١٠.