كلا منهما ، وكان أبو الحسن الأخفش يقع له ذلك كثيرا ، حتى أنّ أبا على كان إذا عرض له قول عنه ، يقول : لا بد من النظر فى إلزامه إياه ، لأن مذاهبه كثيرة.
وكان أبو على يقول فى «هيهات» : أنا أفتى مرّة بكونها اسما للفعل ، كصه ومه ، وأفتى مرّة بكونها ظرفا (١) ، على قدر ما يحضرنى فى الحال.
قال أبو على : وقلت لأبى عبد الله البصرى يوما : أنا أعجب من هذا الخاطر فى حضوره تارة ، ومغيبه أخرى ، وهذا يدل على أنه من عند الله ، إلا أنه لا بد من تقديم النظر (٢) ، انتهى كلام الخصائص ملخصا.
[المسألة] الخامسة عشرة
فيما رجحت به لغة قريش على غيرها
قال الفرّاء : كانت العرب تحضر الموسم فى كلّ عام ، وتحجّ البيت فى الجاهلية ، وقريش يسمعون لغات جميع العرب ، فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به ، فصاروا أفصح العرب ، وخلت لغتهم من متشبّع (٣) اللغات ، ومستقبح الألفاظ.
__________________
(١) فإذا قلت : هيهات أن ينتصر العدو ، يكون المعنى : فى البعد أن ينتصر العدو.
(٢) أورد ابن جنى بعد هذه العبارة قوله فيما رواه عن أبى على : «ألا ترى أن حامد البقال لا يخطر له» وانظر : ج ١ ص ٢٠٧ من الخصائص.
(٣) فى الأصل : مستشبع ، والمتشبع قال فى اللسان : المتزين بأكثر مما عنده يتكثر بذلك ويتزين بالباطل.