فصل
[فى تركيب المذاهب]
مما يشبه تداخل اللغات السابق : تركيب المذاهب ، وقد عقد له ابن جنى بابا فى الخصائص (١) ، ويشبهه فى أصول الفقه : إحداث قول ثالث ، والتلفيق بين المذاهب.
قال ابن جنى : وذلك أن تضم بعض المذاهب إلى بعض ، وتنتحل بين ذلك مذهبا ثالثا ، مثاله أن المازنى كان يعتقد مذهب يونس فى رد المحذوف فى التحقير ، وإن غنى المثال عنه ، فيقول فى تحقير يضع اسم رجل : يويضع.
وسيبويه إذا استوفى التحقير مثاله لا يردّ (٢) فيقول : يضيّع ، وكان المازنى يرى رأى سيبويه فى صرف نحو جوار علما ، ويونس لا يصرفه.
فقد تحصل إذن للمازنى مذهب مركب من مذهب الرجلين ، وهو الصرف على مذهب سيبويه ، والرد على مذهب يونس ، فيقول على مذهبه فى تحقير اسم رجل سميته : يرى : «رأيت يريئيا» فرد الهمزة من يرى ، إذ أصله يرأى على قول يونس ، والصرف على قول سيبويه.
ويونس : يرد ولا يصرف فيقول : «رأيت يريئ».
وسيبويه يصرف ولا يردّ ، فيقول : رأيت يريّا ، بإدغام ياء التحقير فى الباء المنقلبة عن الألف.
فقد عرف تركيب مذهب المازنى عن مذهب الرجلين.
__________________
(١) انظر : الخصائص ج ٣ ص ٧١ وما بعدها.
(٢) أى لا يرد ما كان محذوفا قبل تصغير الكلمة.