[الفرع] الثالث
[أحوال الكلام الفرد والاحتجاج به]
المسموع الفرد هل يقبل ويحتج به؟
له أحول لخصتها من متفرقات كلام ابن جنى فى الخصائص :
أحدها : أن يكون فردا ، بمعنى أنه لا نظير له فى الألفاظ المسموعة ، مع إطباق العرب على النطق به ، فهذا يقبل ويحتج به ، ويقاس عليه إجماعا ، كما قيس على قولهم فى شنوءة : شنئى (١) ، مع أنه لم يسمع غيره لأنه لم يسمع ما يخالفه ، وقد أطبقوا على النطق به.
الحال الثانى : أن يكون فردا ، بمعنى أن المتكلم به من العرب واحد ويخالف ما عليه الجمهور ، قال ابن جنى : فينظر فى حال هذا المنفرد به ، فإن كان فصيحا فى جميع ما عدا ذلك القدر الذى انفرد به ، وكان ما أورده مما يقبله القياس ، إلا أنه لم يرو به استعمال إلا من جهة ذلك الإنسان ، فإن الأولى فى ذلك أن يحسن الظن به ولا يحمل على فساده ، قال : فإن قيل : فمن أين ذلك وليس يجوز أن يرتجل لغة لنفسه؟
قيل : قد يمكن ، إن ذلك وقع إليه من لغة قديمة طال عهدها ، وعفا رسمها ، فقد أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحجاج عن أبى خليفة الفضل بن الحباب
__________________
(١) جاء بالأصل هكذا : شنأى ، وفى الخصائص ج ١ ص ١١٥ قال ابن جنى : «هذا باب ظاهره التناقض إلا أنه مع تأمله صحيح ، وذلك أن يقل الشىء وهو قياس ويكون غيره أكثر منه إلا أنه ليس بقياس الأول ، قولهم فى النسب إلى شنوءة : شنئى ، وإلى حلوبة : حلبى ، قياسا على شنئى لأنهم أجروا فعولة مجرى فعيلة» ا ه ملخصا.