[المسألة] الرابعة
[الخلاف فى إثبات الحكم]
قال ابن الأنبارى (١) : اختلفوا فى إثبات الحكم فى محل النص ، بماذا ثبت بالنص أم بالعلة؟
فقال الأكثرون : بالعلة لا بالنص ، لأنه لو كان ثابتا به لا بها لأدى إلى إبطال الإلحاق ، وسد باب القياس ، لأن القياس : «حمل فرع على أصل بعلة جامعة» ، فإذا فقدت العلة الجامعة بطل القياس ، وكان الفرع مقيسا (٢) من غير أصل وذلك محال.
ألا ترى أنا لو قلنا : إن الرفع والنصب فى نحو «ضرب زيد عمرا» بالنص لا بالعلة ، لبطل الإلحاق بالفاعل والمفعول ، والقياس عليهما وذلك لا يجوز.
وقال بعضهم : ثبت فى محل النص بالنص ، وفيما عداه بالعلة ، وذلك نحو النصوص المقبولة (٣) عن العرب ، المقيس عليها بالعلة الجامعة فى جميع أبواب العربية ، واستدل لذلك بأن النص مقطوع به ، والعلة مظنونة ، وإحالة الحكم على المقطوع به أولى من إحالته على المظنون.
ولا يجوز أن يكون الحكم ثابتا بالنص والعلة معا ، لأنه يؤدى : إلى أن يكون الحكم مقطوعا به مظنونا ، وكون الشىء الواحد مقطوعا به مظنونا فى حالة واحدة محال.
__________________
(١) انظر : الفصل العشرين من لمع الأدلة.
(٢) فى الأصل : مقتبسا ؛ والصواب ما ذكرناه طبقا لما جاء فى لمع الأدلة.
(٣) فى الأصل : «المنقولة» ؛ وما ذكرناه أدق فى التعبير ومطابق لما قاله الأنبارى فى لمع الأدلة.