وتعقبه الأصبهانى بأن كون اللغة مأخوذة عمن لم يبلغ عدد التواتر ، لا يصلح أن يكون سندا لمنع عدم شهرة نقل اللغات عن موضوعاتها الأصلية إلى غيرها ، لأن عدم عصمتهم لا يستلزم وقوع النقل والتغيير ، بل يثبت به احتماله ، وذلك لا يقدح فى دعوى انتفاء اللازم. انتهى الأمر كما قال.
ثم قال الإمام : وأما الآحاد فالإشكال عليه من وجوه :
منها أن الرواة له مجروحون ليسوا سالمين عن القدح ، بيانه أن أصل الكتب المصنفة فى النحو واللغة : كتاب سيبويه ، وكتاب العين.
أما كتاب سيبويه فقدح الكوفيين فيه وفى صاحبه أظهر من الشمس ، وأيضا فالمبرد كان من أجلّ البصريين وهو أفرد كتابا فى القدح فيه.
وأمّا كتاب العين فقد أطبق الجمهور من أهل اللغة على القدح فيه.
وأيضا فإن ابن جنى أورد بابا فى كتاب الخصائص (١) فى قدح أكابر الأدباء بعضهم فى بعض ، وتكذيب بعضهم بعضا ، وأورد بابا آخر فى أن لغة أهل الوبر أصح من لغة أهل المدر (٢) ، وغرضه من ذلك القدح فى الكوفيين ، وأورد بابا آخر (٣) فى كلمات من الغريب لا يعلم أحد أتى بها إلا ابن أحمر الباهلى.
وروى عن رؤبة وأبيه : أنهما كانا يرتجلان ألفاظا لم يسمعاها (٤) ، ولا سبقا إليها ، وعلى ذلك قال المازنى : ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم ،
__________________
(١) انظر الخصائص ج ٣ ص ٢٨٢ ـ ٣٠٩ باب «فى سقطات العلماء».
(٢) انظر الجزء الثانى من الخصائص ص ٥ ـ ١٠.
(٣) انظر الخصائص ج ٢ ص ٢٤.
(٤) انظر الخصائص ج ٢ ص ٢٥.