والمذهب الثالث : الوقف ، أى لا يدرى أهى من وضع الله أو البشر لعدم دليل قاطع فى ذلك ، وهو الذى اختاره ابن جنى (١) أخيرا.
تنبيهان :
الأول : زعم بعضهم أنه لا فائدة لهذا الخلاف ، وليس كذلك بل ذكر له فائدتان :
الأولى : فقهية ، ولذا ذكرت هذه المسألة فى أصوله (٢)
والأخرى : نحوية ، ولهذا ذكرتها فى أصوله تبعا لابن جنى فى الخصائص ، وهى جواز قلب اللغة ، فإن قلنا : إنها اصطلاحية جاز وإلا فلا ، وإطباق أكثر النحاة على أن المصحّفات (٣) ليست بكلام ، ينبغى أن يكون من هذا الأصل.
الثانى : قال ابن جنى : الصواب وهو رأى أبى الحسن الأخفش ، سواء قلنا بالتوقيف أم بالاصطلاح أن اللغة لم توضع كلها فى وقت واحد ، بل وقعت
__________________
(١) انظر الخصائص ج ١ ص ٤٧ ، وعبارة ابن جنى «فأقف بين تين الخلتين حسيرا ، وأكاثرهما فأنكفىء مكثورا ، وإن خطر خاطر فيما بعد ، يعلق الكف بإحدى الجهتين ، ويكفها عن صاحبتها قلنا به ، وبالله التوفيق» وقد علق الشيخ محمد على النجار على هذه العبارة بقوله : «يبدو من هذا أن مذهب ابن جنى فى المبحث الوقف فنراه لا يجزم بأحد الرأيين : الاصطلاح والتوقيف ، وقد صرح بهذا ابن الطيب فى شرح الاقتراح» وانظر حاشية المرجع السابق.
(٢) أى أصول الفقه.
(٣) المصحفات : أى الصحائف المكتوبة.