متلاحقة متتابعة (١) ، قال الأخفش : اختلاف لغات العرب إنما جاء من قبل.
إن أول ما وضع منها وضع على خلاف وإن كان كله مسوقا على صحة وقياس ، ثم أحدثوا من بعد أشياء كثيرة للحاجة إليها ، غير أنها على قياس ما كان وضع فى الأصل مختلفا.
قال : ويجوز أن يكون الموضوع الأول ضربا واحدا ، ثم رأى من جاء بعد أن خالف قياس الأول إلى قياس ثان جار فى الصحة مجرى الأول.
قال (٢) : وأما أىّ الأجناس الثلاثة الاسم والفعل والحرف وضع قبل؟ فلا يدرى ذلك ويحتمل فى كل من الثلاثة أنه وضع قبل ، وبه صرح أبو على ، قال : وكان الأخفش يذهب إلى أن ما غير لكثرة استعماله إنما تصورته العرب
__________________
(١) عبارة ابن جنى : «فإنها لا بد أن يكون وقع فى أول الأمر بعضها ، ثم احتيج فيما بعد للزيادة عليه ، لحضور الداعى إليه ، فزيد فيها شيئا فشيئا ، إلا أنه على قياس ما كان منها فى حروفه وتأليفه ، وإعرابه المبين عن معانيه ، لا يخالف الثانى الأول» الخ. ثم قال فى نهاية عبارته : «وهذا رأى أبى الحسن وهو الصواب» ، وانظر الخصائص ج ٢ ص ٢٨ ـ ٢٩.
(٢) عبارة ابن جنى : «فأما أى الأجناس الثلاثة تقدم ـ أعنى الأسماء والأفعال والحروف ـ فليس مما نحن عليه فى شىء» ثم ذكر رأى أبى على الذى لخصه صاحب الاقتراح ، وانظر الخصائص ج ٢ ص ٣٠ ، ويختم ابن جنى عبارته بقوله : «فلا عليهم بأيها بدأوا ، أبا لإسم ، أم بالفعل ، أم بالحرف؟ لأنهم قد أوجبوا على أنفسهم أن يأتوا بهن جمع ، إذ المعانى لا تستغنى عن واحد منهن هذا مذهب أبى على وبه كان يأخذ ويفتى».