من غير ضرورة ، نحو الفتوى والتّقوى ، فإنهم قلبوا «الياء» هنا «واوا» من غير علة قوية ، بل أرادوا الفرق بين الاسم والصفة (١) ، وقد شارك الاسم الصفة ، فى أشياء كثيرة لا يوجبون على أنفسهم الفرق [بينهما] فيها ، من ذلك قولهم فى تكسير حسن : حسان ، فهذا كجبل وجبال ، وفى غفور : غفر ، كعمود وعمد ، ولسنا ندفع أن يكونوا فصلوا بين الاسم والصفة فى أشياء غير هذه ، إلا أن جميع ذلك إنما هو استحسان لا عن ضرورة علّة ، فليس بجار مجرى رفع الفاعل ، ونصب المفعول ، لأنه لو كان [الفرق بينهما] واجبا لجاء فى جميع الباب مثله.
ومن الاستحسان ما يخرج تنبيها على أصل بابه ، نحو استحوذ وأطولت (٢) الصدود ومطيبة للنفس.
ومنه ما يبقى الحكم فيه مع زوال علته كقوله (٣) :
* ولا نسأل الأقوام عقد المياثق (٤) *
__________________
(١) قال ابن جنى بعد هذه العبارة : «وهذه ليست علة معتدة» وانظر : الخصائص ج ١ ص ١٣٤.
(٢) قال سيبويه : ويحتملون قبح الكلام حتى يضعوه فى غير موضعه ؛ لأنه مستقيم ليس فيه نقص ؛ فمن ذلك قول عمر بن أبى ربيعة :
صددت فأطولت الصدود وقلما |
|
وصال على طول الصدود يطول |
وانظر : الكتاب ج ١ ص ١٢ وقد استشهد به ابن جنى فى ج ١ ص ١٤٣ من الخصائص.
(٣) فى الأصل : كقولك.
(٤) قال ابن جنى فى الخصائص ج ٣ ص ١٥٧ تحت عنوان : باب فى بقاء الحكم مع زوال العلة ؛ هذا موضع ربما أوهم فساد العلة ؛ وهو مع المتأمل بضد ذلك نحو قولهم فيما أنشده أبو زيد :