والجواب فى ذلك أن نقول : لأنها وأخواتها ضارعت الفعل المتعدى إلى مفعول ، فحملت عليه ، وأعملت إعماله لما ضارعته ، فالمنصوب (١) بها مشبه بالمفعول لفظا (٢) ، فهى تشبه من الأفعال ما قدّم مفعوله على فاعله نحو «ضرب أخاك محمد» وما أشبه ذلك.
وأما العلل الجدلية النظرية : فكل ما يعتلّ به فى باب «إنّ» بعد هذا ، مثل أن يقال : فمن أى جهة شابهت هذه الحروف الأفعال؟ وبأى الأفعال شبهتموها؟ أبا لماضية أم المستقبلة؟ أم الحادثة فى الحال؟
وحين شبّهتموها بالأفعال لأى شىء عدلتم بها إلى ما قدّم مفعوله على فاعله؟
وهلا شبهتموها بما قدم فاعله على مفعوله لأنه هو الأصل وذاك فرع؟ فأى علة دعت إلى إلحاقها بالفرع دون الأصل؟ إلى غير ذلك من السؤالات ، فكل شىء اعتل به جوابا (٣) عن هذه المسائل فهو داخل فى الجدل والنظر.
وذكر بعض شيوخنا أنّ الخليل بن أحمد ، سئل عن العلل التى يعتل بها فى النحو ، فقيل له : عن (٤) العرب أخذتها أم اخترعتها من نفسك؟
فقال : «إنّ العرب نطقت على سجيتها وطباعها ، وعرفت مواقع كلامها ،
__________________
(١) فى الأصل : فالمنسوب.
(٢) قال الزجاجى بعد هذه العبارة : «والمرفوع بها مشبه بالفاعل لفظا» الخ.
(٣) عبارة الزجاجى : «وكل شىء اعتل به المسئول جوابا عن هذه المسائل فهو داخل فى الجدل والنظر».
(٤) لعله يقصد «أعن» «لأن الجمهور وسيبويه لا يجيزون حذف همزة الاستفهام فى سياق المعادلة إلا ضرورة خلافا للأخفش إذ أجاز حذفها اختيارا».