وقولهم فى «فحصت» : فحصط (١) بالإبدال طاء ، لتجانس الصاد فى الإطباق ، وهذا الإبدال إنما يكون فى كلمة لا كلمتين ، فهذه ثمان (٢) علل.
واستدل على جواز ذلك بأن هذه العلة ليست موجبة وإنما هى أمارة ودلالة على الحكم ، فكما يجوز أن يستدل على الحكم بأنواع من الأمارات ، والدلالات ، فكذلك يجوز أن يستدل عليه بأنواع من العلل (٣).
وأجيب بأنه إن كان المعنى أنها ليست موجبة ، كالعلل العقلية ، كالتحرك لا يعلل إلا بالحركة ، والعالمية لا تعلل إلا بالعلم ، فمسلم وإن كان المعنى أنها غير مؤثرة بعد الوضع على الإطلاق فممنوع ، فإنها بعد الوضع بمنزلة العلل العقلية ، ينبغى أن تجرى مجراها ، انتهى.
__________________
(١) فى الأصل : محصت محصط ؛ والصواب ما ذكرناه وهو مطابق لما جاء فى لمع الادلة.
(٢) بقيت علتان ذكرهما الأنبارى ولم يذكرهما السيوطى ، الأولى منهما : أنهم قالوا : «زيد ظننت قائم» فألغوا ظننت ؛ والإلغاء إنما يكون فى المفردات لا فى الجمل فلو لم ينزلوا الفاعل والمفعول بمنزلة كلمة واحدة لما جاز الإلغاء.
الثانية : قولهم للواحد : «قفا» على التثنية لأن المعنى «قف قف» قال تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) فثنى وإن كان الخطاب لملك واحد ، وهو مالك خازن النار ؛ لأن المراد به : «ألق ألق» فنزل الفعل والفاعل منزلة الكلمة الواحدة ؛ ولذا جازت التثنية.
(٣) عقب الأنبارى على هذه العبارة بقوله : «وليس هذا بصحيح» ثم رد بالجواب الذى ذكر خلاصته السيوطى.