وجاء في سبب تسميته ـ كما نقله ابن إسحاق عن عمَّار بن ياسر ـ أنَّه قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة، فلمَّا نزلها رسول الله وأقام بها، رأينا ناساً من بني مدلج يعملون في عين لهم، فقال لي عليٌّ عليهالسلام : « يا أبا اليقظان، هل لك في أن نأتي هؤلاء القوم لننظر كيف يعملون! » قلت : إن شئت، فجئناهم ونظرنا إلىٰ عملهم ساعة ثُمَّ غشينا النوم، فانطلقت أنا وعليٌّ واضطجعنا في صور من النخل علىٰ التراب اللين ونمنا، والله ما أيقظنا إلَّا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يُحرِّكنا برجله، وقد تترَّبنا من تلك البقعة التي نمنا فيها، ففي ذلك اليوم قال الرسول لعليٍّ عليهالسلام : « ما لك يا أبا تراب »! (١)
رواه أيضاً ابن جرير الطبري (٢) في تاريخه، ثُمَّ ذكر سبباً آخر في هذه التسمية، خلاصته أنَّه قيل لسهل بن سعد الساعدي : إنَّ بعض أمراء المدينة يريد أن يبعث إليك لتسبَّ عليَّ بن أبي طالب علىٰ المنبر، وتقول له : يا أبا تراب، قال : والله ما سمَّاه بذلك إلَّا رسول الله. قلت : وكيف ذاك؟ قال : دخل عليٌّ عليهالسلام علىٰ فاطمة الزهراء، ثُمَّ خرج من الدار، وذهب إلىٰ المسجد واضطجع في فيئه، ثُمَّ دخل رسول الله علىٰ فاطمة وسألها عن عليٍّ عليهالسلام ، فقالت له : « هو ذاك مضطجع في المسجد »، فجاءه رسول الله فوجده وقد سقط رداؤه عن ظهره؛ فقال له : « اجلس أبا تراب » فوالله ما سمَّاه بذلك إلَّا رسول الله، وكان أحبَّ أسمائه إليه.
_______________________
١) سير اعلام النبلاء ١ : ٢٩٨.
٢) تاريخ الطبري ٢ : ١٢٣ بتصرف.