هو عين (١) ما لا يستحق به الاستخفاف ؛ لأنا نقول : إنها آلام متجددة. فالمستمر غير الماضي ؛ ولهذا لو تاب المحدود في أثناء الحد لكان ما قبل التوبة عقابا عند الجميع منا ومنهم. وعليه يدل قوله تعالى في الزانيين : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور : ٢ وما بعد التوبة مصلحة للمحدود ، وامتحان عند الجميع أيضا يستحق عليه العوض ، فكذلك ما نحن فيه فقد ورد الشرع بما ذكرناه. كما رواه عبد الله بن المغفل (٢) عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه جاءه رجل ووجهه يسيل دما ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لك؟ وما أهلكك؟ فقال : خرجت يا رسول الله من منزلي فإذا أنا بامرأة فأتبعتها بصري فأصابني ما ترى. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الله إذا أراد بعبد خيرا عجّل له عقوبة ذنبه في الدنيا ، وإذا أراد به شرا أمسك عليه بذنبه حتى يوافي يوم القيامة كأنه عير» (٣). ووجه الدليل من الخبر أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبرنا ـ وخبره صدق بأن الله سبحانه قد يعاقب في الدنيا ؛ فاقتضى ذلك ما قلناه : من أنه يجوز العقاب في الدنيا.
ويدل على ذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أذنب ذنبا فعوقب به في الدّنيا فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده» (٤) ، وقولهم : بأن ذلك يحمل على الحدود لا يلزم ؛ لأن ذلك خلاف ما يقتضيه الظاهر ، وهو عمل على التأويل
__________________
(١) في (ب) غير ، والصواب : ما أثبتناه بدليل ما بعده.
(٢) عبد الله بن مغفل هكذا ذكره الذهبي وأيضا الحاكم ، هو صحابي من أهل بيعة الرضوان ، توفي سنة ٦٠ ه. ينظر سير أعلام النبلاء ٢ / ٤٨٣.
(٣) أخرجه الحاكم ١ / ٣٤٩ و ٤ / ٣٧٧ عنه. والمعجم الكبير للطبراني ١١ / ٣١٣ برقم ١١٨٤٢ ، عن عكرمة عن ابن عباس. في هامش (ه) ما خلاصته : أن التكفير للذنب يستقيم في الصغائر ، أما الكبائر فلا تسقطها إلا التوبة.
(٤) أحمد بن حنبل ١ / ٢١٣ رقم ٧٧٥. عن علي عليهالسلام. والحاكم ٤ / ٣٨٨.