الكتاب الثانى : فى الإجماع
والمراد به إجماع نحاة البلدين : البصرة والكوفة.
قال فى الخصائص (١) : وإنما يكون حجة : إذا لم يخالف المنصوص ولا المقيس على المنصوص ، وإلا فلا ؛ لأنه لم يرد فى قرآن ولا سنة أنهم لا يجتمعون على الخطأ ، كما جاء النص بذلك فى كل الأمة ، وإنما هو علم منتزع من استقراء هذه اللغة ، فكل من فرق له عن علة صحيحة ، وطريق نهجة (٢) كان خليل (٣) نفسه ، وأبا عمرو (٤) فكره.
إلا أننا مع ذلك لا نسمح له بالإقدام على مخالفة الجماعة التى طال بحثها ، وتقدم نظرها إلا بعد إمعان وإتقان ، انتهى.
وقال فى موضع آخر : يجوز الاحتجاج باجتماع الفريقين ، وذلك : كإنكار أبى العباس جواز تقديم خبر ليس عليها ، فأحد ما يحتج به عليه أن يقال هذا أجازه سيبويه ، وكافة أصحابنا ، والكوفيون أيضا ، فإذا كان ذلك مذهبا للبلدين ، وجب أن تنفر عن خلافه.
قال : ولعمرى إن هذا ليس بموضع قطع على الخصم ، لأن للإنسان أن يرتجل من المذاهب ما يدعو إليه القياس ما لم يخالف نصّا ، قال : فمما جاز خلاف
__________________
(١) انظر الخصائص ج ١ ص ١٨٩.
(٢) طريق نهجة : أى طريق بينة واضحة.
(٣) يريد كان إمام نفسه كالخليل إمام الناس.
(٤) يريد كان فكره بالنسبة لنفسه كفكر أبى عمرو بالنسبة للناس ، ومعنى ذلك أن من كانت له علة صحيحة عليه أن يقتنع بها.