فيقول له البصرى : الرواة اتفقوا على أن الرواية كما يوم تحدثه بالرفع ، ولم يروه أحد بالنصب غير المفضل بن سلمة ، ومن رواه بالرفع أحفظ منه وأكثر ، فكان الأخذ بروايتهم أولى.
وأما الترجيح فى المتن : فبأن يكون أحد النقلين على وفق القياس ، والآخر على خلافه ، وذلك كأن يستدل الكوفى على إعمال أن مع الحذف بلا عوض بقول الشاعر :
* ألا أيّهذا الزّاجرى أحضر الوغى (١) *
فيقول له البصرى : قد روى أحضر بالرفع أيضا ، وهو على وفق القياس ، فكان الأخذ به أولى ، وبيان كون النصب على خلاف القياس : أنه لا شىء من الحروف يعمل مضمرا بلا عوض.
[المسألة] الثانية
[ترجيح لغة على أخرى]
قال فى الخصائص (٢) : اللغات على اختلافها كلها حجة ، ألا ترى أن لغة الحجاز فى إعمال «ما» ولغة تميم فى تركه ، كل منهما يقبلها القياس ، فليس لك
__________________
(١) صدر بيت من معلقة طرفة بن العبد البكرى أحد شعراء الجاهلية ، وهو من شواهد شذور الذهب رقم ٧١ وابن عقيل رقم ٣٢٩ وعجزه :
* وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى*
وروى «أحضر» بالرفع فلا لبس فيه ، ويروى بالنصب بأن المحذوفة ورد ذلك بأنه على خلاف القياس.
(٢) انظر : الخصائص ج ٢ ص ١٠.