ومما حكى لي عن الشيخ برهان الدين أنه كثيرا ما كان يمرض فيرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام فيشفى من مرضه. وكان يجتهد في ألا ينام إلى على طهارة.
وكثيرا ما كان يأتي الحجازية بالجامع الأعظم بحلب حيث أدرس بها فأقوم إجلالا ، فيأخذ في المنع من القيام وهو لا يرى قيامي وإنما كشف له عنه عن نوع ولاية.
٨٤٨ ـ الشيخ محمد بن بلال المتوفى سنة ٩٥٧
محمد بن الشيخ الصالح الفاضل محمد بن محمد بن بلال الشمسي أبو عبد الله العيني الأصل الحلبي الحنفي.
ولد بحلب كما ذكر لي سنة خمس أو ست (١) وثمانمائة (٢) ، واشتغل على الأساتذة المحققين والأفاضل المدققين فقرأ على العلاء قل درويش أربع سنوات في علوم شتى ، وعلى مظفر الدين علي الشيرازي وعلى البرهان القرصلي ، وكان يلازمه من الظهر إلى المغرب ويصرف نفسه إلى المطالعة من أول النهار إلى الظهر ، وعلى شخص من أكابر تلامذة الجلال الدواني هو العلامة منلادراز وعلى البدر السيوفي في آخرين.
ولم يزل الشيخ شمس الدين يدرس بالجامع الأموي بحلب ويؤلف به وبمنزله مع الإفتاء بها إلى أن أسن فانقطع بمنزله وأكب على تأليفات شتى في علوم متنوعة حتى التصوف ، إلا أنه كان لا يسمح بها ولم تظهر من بعده.
واستنابني في تدريسه بالجامع المذكور أكثر من عشر سنين بعد أن فرغ عن تدريس الحلاوية والشاذبختية ، وقنع بمعلوم هذا التدريس وماله من مال المملحة بعد أن أصيب في ولد له كان رجلا كاملا وصبر على مصيبته. وقصد منه بعض المتمولين من أهل حلب في مرض ولده وحثه أن يفرغ له عن هذا التدريس بمال جزيل أراد بذله ، فلم يسمح له بل قال : هو لمثل ابن الحنبلي ، ثم كان لنا من بعد وفاته.
وكان كثير الصيام والقيام لا يمسك بيده درهما ولا دينارا ، وإنما يفوض أمر إنفاقه
__________________
(١) هكذا في نسختي ونسخة المدرسة الحلوية وقد سقط كلمة ثمانين أو تسعين ..
(٢) في در الحبب : وسبعين وثمانمائة.