في وثائقهم بالنسبة إلى جهلة الموقعين ومن لا يعرف اللسان العربي ولا أساليب أهل الشروط ، ومع ذلك كان يتعاطى شهادة الجريدة بسوق حلب إلى أن اعتراه داء الأسد (١) ، والعياذ بالله تعالى ، فاستولى عليه. واستمر يتحامل نفسه ويخالط الناس والناس يهرعون إليه مع ما عرض عليه لاحتياجهم إلى دربته الحسنة إلى أن لم يبق مجال. ثم استولى عليه الإسهال ولاح له أنه على شرف الزوال ، فأوصى وأخبر أنه ليس له من المال سوى دينار أعطاه إياه الشيخ محمد الخاتوني فهو يتبرك به.
ثم كانت وفاته ليلة الاثنين المسفرة عن التاسع والعشرين من ربيع الثاني سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة.
٨٣٠ ـ أحمد بن محمد المشهور بابن حمارة المتوفى سنة ٩٥٣
أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد الشيخ شهاب الدين ابن الشيخ شمس الدين ابن القاضي برهان الدين الأنطاكي ثم الحلبي الحنفي شيخنا المعروف بابن حمارة. ولم يشنه ذلك ، فقد كان من شيوخ الحافظ ابن حجر بالإجازة شهاب الدين أحمد بن الثور ، بالمثلثة ، الحنفي أحد رجال «طبقات الحنفية» لابن السابق ، وكان من النحاة أبو محمد عبد المنعم ابن الفرس القائل بأن كلمة «ثم» لا ترتيب فيها.
ولد بأنطاكية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة ونشأ بها ، فحفظ القرآن وتخرج في صنعة التوقيع بجده القاضي برهان الدين موقع الفرس خليل بن اللنكي الأنطاكي.
وأخذ النحو والصرف عن الشيخ العالم الصوفي علاء الدين علي العداس الأنطاكي. وأخذ المنطق والكلام والأصول عن الشيخ المعمر الصالح الفاضل ملا محيي الدين محمد ابن صالح بن الجام المشهور بابن عرب الأنطاكي الحنفي تلميذ قاضي زاده الرومي ، واشتغل عليه بأنطاكية وبحلب بعد قدومه من بلاد الروم وتحصيله بها نحوا من أربعين سنة. وقرأ على الشيخ رمضان الأنطاكي.
ثم قدم إلى حلب ولازم فيها البدر السيوفي واشتغل في القراءات على الشيخ محمد
__________________
(١) هي الحمّى لأنها كثيرا ما تغزو الأسد حتى إنه قلما يخلو منها ساعة.