الخواجا نور الدين الصابوني عن تركة فيها مزيد بركة ، فسر سرا وحزن جهرا. وجد في السفر إلى حلب فدخلها وخاض في التركة فمرض لاستيلاء أكل البرش (١) عليه في آخر عمره ، فلم يمض عليه مائة يوم إلا وانتقل إلى الله تعالى ودفن بغربية جامع البدري خارج باب أنطاكية بغير حق شرعي لأنه كان ناظرا على الجامع المذكور فتصرف فيها واتخذها مقبرة لنفسه وأتباعه وأشياعه ظلما واجتراء على بيت الله تعالى.
وكانت وفاته في أثناء سنة خمس وأربعين.
٧٩٥ ـ نور الدين الصابوني سنة ٩٤٥
نور الدين بن محيي الدين الصابوني.
كان أول أمره من الواقفين في خدمة الشيخ عز الدين الصابوني الخطيب المتوفى سنة ٩٢٢ ومن عملة سوق الصابون بحلب ، ثم طفح عليه المال فطلب أن يرأس كقريبه الخواجا بهاء الدين بن حمزة فلم يقبل هيكله ولا حركاته ولا سكناته الرياسة.
وكان اسمه قد صحف ببوز الدين (٢) ، ثم قيل له بوز الكلب ، ثم اختصر فقيل له البوز بالباء الموحدة والزاي.
وكان يتشيع ويقرب الشيعة ويرسل إلى المشهدين القناديل الفضة وغيرها. وكان الخواجا بهاء الدين يعيب عليه ويغض منه لفيض الدنيا عليه واتساع دائرته ويريد أن يأكله فلا يقدر عليه للقرابة التي بينهما ، إلى أن مات فسلطه الله على تركته فجعلها شذر مذر. وكانت بنته تحته فأرادت أن لا يدخل أبوها فيها حذرا من تبذيره ، فهددها وقال لها : إن لم تطلعيني على أموره وتسكتي أدخلت القسامين الآن وأطلعتهم على ما عنده من كتب الشيعة وسعيت في ذهاب تركته لبيت المال في الحال. فلم يسعها إلا أن سكتت وسكنت ، فخاض في التركة إلى ركبته.
وكانت وفاته في أوايل سنة خمس وأربعين وتسعمائة ، قيل لركوبه على سرج لم يشعر
__________________
(١) مادة ضمغية.
(٢) في بعض النسخ المخطوطة من در الحبب : الذيب. ولعل الصواب : الديب (بالدال).