وكان يوما بين جماعة من المشايخ يقرؤون الأنعام وفيهم القاضي تقي الدين بن شهلا الدمشقي الشافعي ، وكان أسود اللون ، فتردد الجماعة فيمن يدعو ، فقال الشيخ لبعض الجماعة الحاضرين : توجه إلى ذلك الأدهم ودعه يدعو ، فتوجه إليه وأخبره بصدور هذه العبارة من الشيخ ، فلما رآه عاتبه فقال له : يا قاضي هب أنك ابن آدم رضي الله تعالى عنه.
وكان يسمع الآلات ويقول : أنا ظاهري أعمل بقول ابن حزم الظاهري ، فإذا قال ذلك بحضرة الموفق شيخ الشيوخ بحلب قال له : إن من الحزم ترك قول ابن حزم. وجرى بينهما ما جرى من المباسطة.
وحكي عنه أن طفلا حسنا قبّل يده ، فقال له : والله إن فمي أحق بهذا التقبيل من يدي.
ودخل يوما على حين غفلة على قاضي القضاة ولي الدين بن الفرفور ببيت أزدمر ، فإذا هو وحده يستنجي بجنب البحرة ، وكان يدخل عليه من غير استئذان ، وكان الشيخ رأى منه ما رأى ، فقال له : يا قاضي أهذا خف جمل؟ فقال له القاضي : يا شمس الدين بعد هذا لم تكن لتعمى أبدا ، فقال له الشيخ : سبحان الله هل هذا ذكر نبي حتى تكون له هذه الخاصية.
ورأى إنسانا يمشي قدامه صغير له فقال له : وهذا عصفور من؟
ولما تزوج الشيخ إبراهيم الصيرفي الأريحاوي بعد أن كان أرملا هبت زوبعة شديدة فقال : سبحان الله! النساء يقلن : إذا انجلت عروس أرملة على زوجها هبت زوبعة ، فلعل هذا الأرمل الذكر ينجلي في هذه الليلة على زوجته. إلى غير ذلك من لطائفه.
٧٨٠ ـ أحمد بن محمد بن مهان المتوفى نواحي سنة ٩٤٠
أحمد بن محمد الحلبي المشهور بابن مهان.
كان سمسار السختيان ، ومع هذا كانت له كلمة في محلته الشهيرة بمحلة الجبيل ، وكان فيه الخير حتى إنه بذل نحو ثلاثمائة دينار سلطاني في إنشاء القسطل التحتاني المجاور للمدرسة العجمية بالمحلة المذكورة ، ونقر الجدار الكائن على يسرة النازل إليه فهيأ له فيه مدفنا سنة