أقول : إن بابه القديم لا زال موجودا وقد ذكرنا في ترجمة الشيخ عبد الرحيم العجمي المتوفى سنة ٦٧٠ ما هو مكتوب عليه ، إلا أن هذا الباب مغلق الآن لا يفتح إلا في بعض الأحيان والناس يدخلون من بابه الجديد. وكان جدار القبلية مما يلي صحن الجامع متوهنا فاهتم في تجديده المرحوم جميل باشا وذلك سنة ١٣٠٢ ورمم القبلية وبلط صحن الجامع ووسع الحوض إلى غير ذلك من الإصلاحات فعاد إلى الجامع رونقه ، وكذلك رمم الدكاكين التي في طرفه الغربي وهي من وقفه.
الكلام على القدم التي في هذا الجامع :
في الجدار القبلي من هذا الجامع قطعة من الحجر الأصفر فيها أثر قدم ، والمشهور بين الناس أن هذه القدم هي قدم النبي صلىاللهعليهوسلم أثرت في هذا الحجر ، ويزعمون أن الشيخ عبد الكريم المذكور كان رأى في منامه أن سيمر غدا من أمام الجامع رجل أعجمي أشقر اللون وهو قادم من بلاد الحجاز ومعه جمل ، وأن على هذا الجمل خرجا فيه حجر وفي هذا الحجر أثر قدمه صلىاللهعليهوسلم ، فاقبض على العجمي وخذ منه هذا الحجر.
ويزعمون أنه بعد ما استيقظ عاد إلى النوم مرة ثانية فرأى تلك الرؤيا ، ثم استيقظ وعاد إلى النوم فرأى ذلك ، فعندها تحقق لديه صحة هذا الأمر ، فلما أصبح الصباح قعد أمام الجامع فمر به الرجل ومعه الجمل ، ففعل ما أمر به وأخذ الحجر منه ووضعه في الجدار القبلي.
والناس إلى زمننا هذا يتبركون بهذا الحجر ويتمسحون به بعد أن يضعوا يدهم عليه يمسحون أعينهم ووجوههم. ومن تكون قليلة الحليب تأتي يوم الجمعة قبل الصلاة ومعها إناء ماء فيصب الخادم هذا الماء على الحجر ويتناوله بإناء آخر ثم يفرغه في الإناء الذي مع المرأة ، فتذهب المرأة وتشرب منه على نية أن يكثر لبنها.
والذي يترجح عندنا أن تلك الحكاية مختلقة لا أصل لها ، وبعيد أن تكون هذه القدم قدمه الشريف صلىاللهعليهوسلم وذلك لعدة أمور :
أولا : إنك إذا تأملت هذه الحجرة تجدها من الحجر الأصفر المسمى بالهرقلي الذي كان يستحضر إلى حلب من مسافة ثلاث ساعات وقد ترك لبعد مسافته وكلفته ، وفي البيوت القديمة في حلب والجوامع والمدارس تجد منه كثيرا.