في ذلك فلم ينجع واستمر مقيما بالقاهرة خوفا من الحاجب فما لبث أن مات في آخرها وكفاه الله أمره ، وناب فيها في القضاء وتنقل بالمجالس وتناوب مع البدر الأمير في مجلس باب اللوق ، فقيل للبدر : كأنك غفلت عن ذكر الله يوم سلط هذا على مشاركيك لقوله تعالى (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)(١).
وكان ناظما مشاركا في طرف من العربية حافظا لكثير من القصائد المطولة والأشعار اللطيفة مؤديا لذلك بفصاحة وصوت جهوري ممن يدارى ويتقى ، وأكثر من التردد لجماعة من أعيان الوقت كالمستجدي منهم ، وكان من عادته أنه إذا أراد إخصام أحد قال : سأنطحه نطحة أهلكه بها كما نطحت فلانا وفلانا. وكنت ممن سمع منه الكثير. ومات في جمادى الأولى سنة ست وسبعين.
وقد كتب عنه البقاعي من نظمه وقال : مما يعد في مجازفاته أنه رجل حسن فصيح مفوه غير أنه مكثار ممل مشكور السيرة في تحمل الشهادة عفيف متعفف مترفع عن الدنايا.
ومن نظمه :
الصبر أنفع إذ لا ينفع الجزع |
|
يا نفس صبرا لعل الضيق يتسع |
إن حل بالمرء بؤس ليس يدفعه |
|
شكوى ولا قلق باد ولا هلع |
والدهر من شأنه تغيير حالته |
|
وبعض حادثه بالبعض يندفع |
إني بمصر غريب لست مستندا |
|
إلا إلى من به الإسلام مرتفع |
قاضي القضاة شهاب الدين أحمد من |
|
فيه المحامد والأفضال تجتمع |
في أبيات. ا ه.
٦١٨ ـ محمد بن محمد بن أمير حاج المتوفى سنة ٨٧٩
محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن علي بن سليمان بن عمر بن محمد الشمس الحلبي الماضي أبوه وجده ، ويعرف بابن أمير حاج وبابن الموقت.
ولد في ثامن عشر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانماية بحلب ونشأ بها ، فحفظ
__________________
(١) الزخرف / ٣٦.