الكتّاب ، وما وراءه من جهة الجنوب والغرب لم يزل تربة إلا أن الحكومة منعت في المدة الأخيرة الدفن هناك.
ومنذ عشر سنوات على عهد الحكومة العثمانية نسفت التربة الدقماقية ودرس ما كان هناك من القبور وبني في أواخرها بناية كبيرة لتكون مسكنا للولاة ارتفع فيها البناء إلى قرب السقوف ، ثم تركت إلى سنة ١٣٤٢ ، ففيها أكملت دائرة النافعة بناءها وطولها ٢٥ مترا وعرضها كذلك ، وهي ذات طابقين وفيهما ١٨ غرفة (١) وترك من جوانبها الأربعة فضاء واسع واتخذت الآن لقيادة الدرك ، وبني في أول هذه التربة بالقرب من النهر بناية أخرى بينهما الجادة اتخذت للسكنى ، ولم يبق هناك لهذه التربة أثر على سعتها.
٤٩٧ ـ الأمير جكم المتغلب على حلب المتوفى سنة ٨٠٩
ذكرت في أواخر الجزء الثالث خبر عصيان الأمير جكم وتغلبه على حلب وخبر قتله سنة ٨٠٩ ، ثم ظفرت بترجمته وتفصيل تلك الحوادث في «المنهل الصافي» فأحببت ذكرها هنا لأهميتها. قال :
هو جكم بن عبد الله بن عوض الظاهري الأمير سيف الدين المتغلب على حلب الملقب بالملك العادل ، كان من عتقاء الملك الظاهر برقوق ومن أعيان خاصكيته ، ثم إمرة عشرة ثم طبلخاناه ، ثم صار في دولة ابن أستاذه الملك الناصر فرج بن برقوق أمير ماية ومقدم ألف بالديار المصرية ، ولا زال يترقى حتى صار دوادارا كبيرا ، ثم حصل بينه وبين الأمير يشبك وقعة في مصر (بسطها في المنهل) انتصر فيها جكم وعظم في الدولة وهابته الأمراء ، ثم حصل بين الملك الناصر فرج وبين الأمير جكم والأمير نوروز وقعة (بسطها في المنهل أيضا) انكسر فيها هذان وفرا في عدة كبيرة يريدون بلاد الصعيد ، ثم طلب جكم يستأذن الحضور فأذن له في ذلك ، ولما أتى قيد وأرسل إلى الإسكندرية محبوسا ، واستمر كذلك إلى أن أخذه الأمير دمرداش المحمدي نائب طرابلس لما ولي نيابة حلب ممسوكا معه إلى حلب ، وكان وصول دمرداش إليها في رمضان سنة ست وثمانماية ، واستمر جكم أيضا محبوسا عنده بدار العدل إلى أن توجه دمرداش من حلب في شهر ذي القعدة لقتال صاحب
__________________
(١) أشرنا إلى ذلك في الجزء الثالث ص ٤٤٢.