استدلاله ، نقول : الخاص مقدم إذا كان دلالته قوية ، بل وأقوى ، لأن عموم المفهوم ـ على تقدير تحققه ـ ليس بحيث يقاوم المنطوق ، فضلا عن أن يكون أقوى ، سيما مع اعتضاده بأمور كثيرة :
( منها الكثرة ) (١) ، ومنها العلة المنصوصة ، ومنها ما سنذكر في ماء الحمام ، ومثل نفي البأس أصلا ورأسا في البول في الجاري ، كما ورد في غير واحد من الأخبار (٢) ، سيما بملاحظة الحكم بالكراهة في الراكد ، ومنها الإجماع المنقول ، ومنها اشتهار الفتوى ، وشذوذ الفتوى بالآخر ، ومنها الأصول المتعددة التي مرت ، ومنها الأوفقية للشريعة السمحة السهلة ، والإطلاقات في إزالة الأحداث والأخباث ، وقوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) (٣) ، ومنها وهن العموم في المفهوم بما سيجيء في مباحث البئر وماء المطر وغيرهما ، ومنها الاعتضاد بظواهر القرآن.
فظهر عدم جواز التخصيص على المذهب الآخر أيضا ، وهو كفاية المقاومة والمقابلة للخاص مع العام في مقام التخصيص ، من دون اشتراط كون الخاص أقوى ، لكونه للجمع بين الأدلة. مضافا إلى أن الجمع غير منحصر في ما ذكر للعمل به في الراكد القليل ، لكونه مرادا على أي تقدير.
قوله : وقوة دلالة. ( ١ : ٣٢ ).
فيه : أنّه قد ورد بعض ما دل بالمنطوق ، مثل ما ورد في الصحيح من أن الدجاجة والحمامة إذا كانت تطأ العذرة وتدخل الماء لا يتوضأ منه إلاّ أن يكون كرا (٤).
__________________
(١) ما بين القوسين غير موجود في « ج » و « د ».
(٢) الوسائل ١ : ١٤٣ أبواب الماء المطلق ب ٥.
(٣) النساء : ٤٣ ، المائدة : ٦.
(٤) التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٩ ، مسائل علي بن جعفر :