لا يخفى أن الأصل براءة الذمة ، وعدم الوجوب ، وبقاء الطهارة السابقة ، فإن كان دليل الوجوب محل نظر عنده فكيف يقرب الوجوب؟! إلاّ أن يقول : النظر ضعيف ، وهو كذلك ، لأن الخبر وإن كان مرسلا إلاّ أنّه منجبر بالشهرة ، والإجماع المنقول ، والآية تؤيده ، وكذا ما ذكره من الأخبار هذا مع أنّ الشيخ رجع عن قوله (١) ، لأنّ باقي تصانيفه متأخرة عن النهاية والاستبصار ، فتأمّل.
قوله : وهذا مما لا سبيل إليه. ( ١ : ٢٧٥ ).
لا يخفى على المطلع أنّ الشارح ـ رحمهالله ـ والشهيد والمحقق وغيرهم من الفقهاء في كثير من المسائل يتمسكون بالإجماع على وجه الاعتماد والاعتداد ، بحيث لا يبقى شبهة ولا ريبة ولا تأمّل أصلا على الملاحظ ، والكثرة بمكان لا يمكن التعداد.
مع أنّ أمثال ما ذكروه شبهة في مقابل البديهة ، كما حقق في الأصول ، وكيف لا يكون كذلك مع أن ضروري الدين والمذهب لا يحصل العلم بهما من حيث الفطرة ، لأنّهما ليسا من الفطريات قطعا بل حصوله بملاحظة حال المسلمين والمؤمنين قطعا من غير شك وشبهة ، مع أن أمثال ما ذكر من الشبهات واردة فيه أيضا.
وبالجملة : إذا كان منشأ العلم هو الحدس فكما يحصل بالضرورة من دون مصادمة الشبهة كذا يجوز حصوله من الكسب من دون المصادمة ، بل بطريق أولى. نعم في كثير من المواضع لا يحصل العلم بل يحصل الظن ،
__________________
(١) المبسوط ٤ : ٢٤٣ ، وانظر المبسوط ١ : ٢٧ ، والخلاف ١ : ١١٦ ، والتهذيب ٤ : ٣١٩.