فإن قلت : منع الشرع من الاعتداد بخبر الفاسق ، والاحتياط نوع اعتداد به.
قلت : لم يثبت المنع إلى هذا الحد. ولذا لو أخبر فاسق بأن في الطريق أسدا يقتل ويهلك ، أو قطاع الطريق ، أو أعداء يقتلون وينهبون ، لزم عقلا عدم السفر إلى هذا الطريق مهما أمكن ، بل الشرع أيضا منع.
والأمر بالتبين في الآية ليس مجرد تعبد ، بل لعلّة ظاهرة غير منافية للاحتياط ، لأنها فيما إذا كان في العمل ندم وخطر ، ولا شك في أنه ربما كان في ترك العمل ذلك الندم والخطر قطعا أو ظنا ، بل لا نسلم ذلك فيما إذا ساوى الفعل والترك فيهما ، وانسد باب التبين.
مع أن القدماء والوسائط لعلهم تبينوا ، بل هذا هو الظاهر منهم ، فعلى تقدير أن لا ينفعنا تبينهم في إثبات التكليف لا تأمل في حسن الاحتياط منه.
ودخول مثل هذه الأخبار في الآية محل تأمّل ، فتأمّل.
قوله : كقوله عليهالسلام في صحيحة. ( ١ : ١٤ ).
لعلّ وجه الاستدلال أنّ المستفاد منها ناقضيّة الحدث للوضوء ، فلا يجتمع معه.
وفيه : أنّه لا نزاع في النقض ، بل في أنّ الوضوء المشروع (١) هل يستلزم رفع الحالة المانعة من الصلاة أم لا؟ لا الحدث الصادر ، والحدث مشترك لفظا بين المعنيين. ومع ذلك كونه أمرا واحدا في الصلاة وغيرها محتاج إلى الثبوت. إلاّ أن يدّعى التلازم بين المعنيين ، وهذا أول الكلام.
أو أنّ الظاهر من قوله : « لا ينقضه إلاّ حدث » أنّه لا يحتاج إلى وضوء آخر ، كما أنّ لازم قوله : ناقض أنّه يحتاج إلى وضوء ، وهذا أيضا محل
__________________
(١) في « ج » و « د » : المشروط.