البول مهما أمكن ، وهو لا يتحقق إلاّ بمسح ما بين المقعدة إلى الأنثيين أيضا ، لأنّه من قبيل القضيب المدور المجوف يخرج منه البول والمني ، وهو ممرّهما ، وكثيرا ما يبقيان فيه وبأدنى حركة يخرج قطعا ، ولذا ورد في الأخبار صريحا خرط بين المقعدة والأنثيين ، والأصحاب اتفقوا على الفتوى به :
فقد روي في الصحيح عن ابن أبي عمير ـ وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، وممن لا يروي إلاّ عن الثقة ـ عن جميل بن صالح ، عن عبد الملك بن عمرو ، عن الصادق عليهالسلام : في الرجل يبول ، ثم يستنجي ، ثم يجد بللا بعد ذلك ، فقال : « إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاثا ، وغمز ما بينهما ، ثم استنجى ، فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي » (١).
والشيخ روى حسنة ابن مسلم في التهذيب والاستبصار كما ذكره الشارح ، وهذه أيضا ظاهرة في ما ذكرنا ، ومعلوم قطعا أن الغرض ليس جمع الماء في الإحليل وجرّه مما بين المقعدة والإحليل ، وإبقاؤه في الإحليل ، بل لا شك في لزوم الإخراج ، للقطع بأن الغرض إخراج بقية البول ثم الاستنجاء ، لا الجمع في الإحليل ثم الاستنجاء ، لأنّه حينئذ يكون أسرع خروجا ، وعدم الخرط يكون أولى.
فيكون المراد من قوله عليهالسلام : « إلى [ طرف ] (٢) ذكره » تمام ذكره ، بجعل الغاية داخلة في المغيا ، كما هو أحد الأقوال ، أو مجازا على القول بعدم الدخول ، لعدم النزاع في تحقق الاستعمال ، مضافا إلى القرينة التي أشرنا
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٠ / ٥٠ ، الاستبصار ١ : ٩٤ / ٣٠٣ ، الوسائل ١ : ٢٨٢ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٢.
(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من التهذيب وفي الاستبصار : رأس.