لها وإن بلغت ما بلغت ، فيقتضي ذلك جواز الاستعمال في كل مرتبة قطعا ، غاية الأمر أن إفادة تلك المرتبة بخصوصها تحتاج إلى القرينة ، والمقيد الذي ادعاه يكفي لكونه قرينة ، كما اعترف به ، وإن أراد أنه كذلك إن ثبتت القرينة فهذا بعينه هو ما ذكره بقوله : ومع ذلك كله فالمقيد. ، فلا وجه لإيراد آخر ، ولا ما قاله بقوله : ومع ذلك كله. ، ومع ذلك سنشير إلى مقيده.
ثم ما ذكره بقوله : يكاد أن يلحق. ، إن أراد أنه مع القرينة أيضا لا يجوز الإرادة ففساده قد عرفت ، وإن أراد أنه بلا قرينة لا يجوز ، ففيه : أنّه تعالى تكلم بالمتشابه ، كما صرح بقوله ( مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ ). (١) ، الآية ، وكذلك الحجج صلوات الله عليهم ، كما ورد في الحديث : « إنّ أحاديثنا فيها محكم كمحكم الكتاب ، ومتشابه كمتشابهه » (٢) ، الحديث ، والتتبع أيضا كاشف عن ذلك ، والحكماء أيضا يتكلمون بالمتشابهات على حسب المصالح ، بل أكثر الآيات القرآنية كذلك ( مع أن جميع الأحكام في القرآن ولا نعرفه منه ) (٣) ، فالقول بأنه يكاد يلحق بالهذر والهذيان فيه ما فيه.
وأيضا : إن أراد أن القرينة لا بدّ أن تكون موجودة في نفس الحديث ففساده واضح وقد أشرنا إليه ، وإن أراد أنّه لا بد أن تكون قرينة حالية أو مقالية للمخاطب وليس في ما نحن فيه ، ففيه : أن عدم الوجدان لا تدل على العدم واقعا. والحكم بمجرد أصالة العدم بكون الكلام هذرا وهذيانا ، فيه ما فيه ، وغايته أنا لسنا مكلفين بما لا نفهم الآن لو انسد باب الفهم من الأخبار وكلام
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) عيون الأخبار ١ : ٢٢٦ / ٣٩ ، الوسائل ٢٧ : ١١٥ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٢.
(٣) ما بين القوسين ليس في « أ » و « و ».