لروايته وأقواله وأدلته ولا يجامع ذلك عدم ثقته ، إذ شرط المفتي العدالة والثقة والأمانة إتفاقاً ، ولم ينقلوا في مثل تلك المواضع فتوى غير الثقة على وجه الاعتبار أصلاً، بل قد صرح العلامة في أواخر بحث الأذان من
المختلف بتوثيقه وجلالته وحجية مرسلاته .
وحادى عشرها : إنهم اتفقوا على وصفه بالصدوق وبرئيس المحدثين ، ولا شيء منها بلقب وضعه أبوه له ، بل وصف وصفه به علماء الشيعة لما وجدوا المعنيين فيه ، وقد ذهب جمع من العلماء إلى أن لفظ الصدوق يفيد التوثيق، وأوضح منه رئيس المحدثين، فإن المحدثين إن لم يكن كلهم ثقات فأكثرهم ، ومحال عادة أن يكون رئيسهم غير ثقة ، وإنما وجه ترك توثيقه اعتقادهم أنه غير محتاج إلى نص على توثيقه : الشهرة أمره ووضوح حاله ، ومثله جماعة منهم السيد المرتضى علم الهدى وجميع من تأخر عنه كما تقدم، ولا يرد على ذلك توثيقهم لمثل الشيخ والمفيد والكليني ؛ لأن ذلك احتياط غير لازم وتوضيح للواضحات، والراجح الذي لم يصل إلى حد اللزوم لا حرج في فعله تارة وتركه أخرى ولا تجب المداومة عليه ،
ولعلهم كانوا يعتقدون الصدوق أعظم رتبة من غيره ممن ذكر لجميع ما مر . وثاني عشرها : اجتماع هذه الوجوه كلها وغيرها مما لم تذكره ، فإن
كان بعضها غير كاف فمجموعها كاف شاف .
واعلم أن بين العدالة والثقة عموماً وخصوصاً من وجه ؛ لأن الثقة يجامع الفسق والكفر ، ومعناها كون الانسان يؤمن منه الكذب عادة، وهذا كثيراً ما يتحقق من الكافر فضلاً عن الفاسق ، وهذا هو المعتبر في النقل
الموجود في الأحاديث المتواترة (١) .
(١) الفوائد الطوسية : ٧ - ١٣ .