جدي، عن الباقر ، عن زين العابدين ، عن أبيه عليهمالسلام : أن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : أخبرني عن قول الله عز وجل: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (١) ما تفسيره ؟
فقال : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) هو أن عرف عباده بعض نعمه عليهم جملاً ، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل ؛ لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف ، فقال لهم : قولوا : الحمد لله على ما أنعم به علينا رب العالمين ، وهم الجماعات من كل مخلوق من الجمادات والحيوانات ، وأما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته ، ويغذوها من رزقه ، ويحوطها بكنفه ، ويدير كلاً منها بمصلحته ، وأما الجمادات فهو يُمسكها بقدرته ، ويمسك المتصل منها أن يتهافت ، ويُمسك المتهافت منها أن يتلاصق ، ويُمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، ويُمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره ، إنه بعباده الرؤوف رحيم .
وقال عليهالسلام : ( رَبِّ الْعَالَمِينَ ) : مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، فالرزق مقسوم، وهو يأتي ابن آدم على أي سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبينه ستر وهو طالبه ، فلو أن أحدكم يفرّ من رزقه الطلبه رزقه كما يطلبه الموت ، فقال الله جل جلاله : قولوا : الحمد لله على ما أنعم به علينا ، وذكرنا به من خير في كتب الأولين قبل أن تكون، ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد صلىاللهعليهوآله ، وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : لما بعث الله عز وجل موسى بن
__________________
(١) سورة الفاتحة ١:١ .