وهكذا إظهار الإمام إلى الله الذي غيبه فمتى أراده أذن فيه فظهر . فقال الملحد : لست أؤمن بإمام لا أراه ولا تلزمني حجته ما لم أره ؟. فقلت له : يجب أن تقول : إنه لا تلزمك حجة الله تعالى ذكره لأنك لا
تراه، ولا تلزمك حجة الرسول الله لأنك لم تره ! فقال للأمير السعيد ركن الدولة الله : أيها الأمير، راع ما يقول هذا الشيخ ، فإنه يقول : إن الإمام إنما غاب ولا يرى ، لأن الله عز وجل لا يرى . فقال له الأمير الله : لقد وضعت كلامه غير موضعه وتقولت عليه وهذا
انقطاع منك وإقرار بالعجز . وهذا سبيل جميع المجادلين لنا في أمر صاحب زماننا الله ما يلفظون في دفع ذلك وجحوده إلا بالهذيان والوساوس والخرافات المموهة (١) .
رحلاته وسبب روايته عن علماء الطائفتين : لقد اهتم الشيخ الصدوق بجمع الأحاديث اهتماماً كبيراً إذ شد الرحال إلى الأقطار لنشر ما لديه من الآثار وجمع ما عند الآخرين من الأخبار ، فبعد أن جعل سكناه في مدينة الري بطلب من أهلها - سافر إلى خراسان لزيارة الإمام الرضا الله في سنة ٣٥٢ هـ ، وفي عودته دخل إلى نيشابور وسمع من مشايخها منهم : الحسين بن أحمد البيهقي، وأبو الطيب الحسين بن أحمد ، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ودخل مروالرود وسمع من محمد بن علي الشاه الفقيه، وأبي يوسف رافع بن عبدالله بن عبد الملك ، ثم رحل إلى بغداد في نفس تلك السنة وسمع من مشايخها منهم : الحسن ابن يحيى العلوي وإبراهيم بن هارون وعلي بن ثابت الدواليبي .
(۱) كمال الدين : ۸۷ - ۸۸ .