فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارى من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاماً في القائم الله قد حيره وشككه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذكرت له فصولاً في إثبات كونه الليله . ورويت له أخباراً في غيبته عن النبي والأئمة عالم سكنت إليها نفسه ، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشك والارتياب والشبهة ، وتلقى ما سمعه من الآثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أن أصنف في هذا المعنى كتاباً ، فأجبته إلى ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغى إذا
سهل الله لي العود إلى مستقري ووطني بالري . فبينا أنا ذات ليلة أفكر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كأني بمكة أطوف حول بيت الله الحرام ، وأنا في الشوط السابع عند الحجر الأسود أستلمه وأقبله وأقول : أمانتي أديتها
وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة .
فأرى مولانا القائم صاحب الزمان صلوات الله عليه واقفاً بباب الكعبة ، فأدنو منه على شغل قلب وتقسم فكر، فعلم الله ما في نفسي بتفرسه في وجهي ، فسلمت عليه فرد علي السلام ، ثم قال لي : الم لا تصنف كتاباً في الغيبة حتى تكفى ما قد همك ؟ فقلت له : يابن رسول الله قد صنفت في الغيبة أشياء ، فقال لا : اليس على ذلك السبيل أمرك أن تصنف ، ولكن صنف الآن كتاباً في الغيبة واذكر فيه غيبات الأنبياء (١) .
دفاع الحر العاملي عن الشيخ الصدوق وتوثيقه إياه :
إعلم أن محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه لم يوثقه
(۱) کمال الدین : ٢ - مقدمة المصنف .