عدّت لا يحصيها العادّون ؛ إذ من أعظم أسباب الحب الاحسان ، ولأن الرب المتكفل لجميع مصالح المربوب ، الكافي له عن كلّ ما سواه ، حقيق بأن يعبده المربوب وأهل لذلك ، بل ليس من شأنه عند العقل إلا عبادته. فقد جمع هذا الاسم مجامع أسباب العبودية وغاياتها التي لأجلها يعبد العابدون إذا لوحظت الربوبية لكل واحد موجبة لعبادته ، ويكون مقابلة الجمع بالجمع على سبيل التوزيع ، وإذا لوحظ بالنسبة إلى كلّ منهم عموم ربوبيته للجميع كان مقويا للايجاب السابق ، فان من شأنه الاحسان المطلق ، والربوبيّة لكلّ شيء أحقّ بالمحبّة والخوف والرجاء ، وبأن يعبده واحد من مربوبيه ، من المربوب الّذي يفرض له ربّ واحد مقصور الربوبية على ذلك الواحد بحسب العقل إذا لم يكن ربوبيّته لكلّ منهم شاغلا له عن ربوبية الآخر ، ومانعا عن كمالها موجبا لنقصانها ، كما هو شأن من لا يشغله شأن عن شأن ، ولا يزيده كثرة العطاء إلا جودا وكرما ، ولا تفني خزائنه المسائل (١).
ويظهر كيفيّة اقتضاء الربوبيّة للمحبّة والرجاء والخوف وأهليّة العبادة من ملاحظة حال المربوبين بالقياس إلى مظاهر شؤون الربوبيّة ، ووسائطها الواقعيّة التي يترائى منها أنّها المتّصفة بالربوبيّة القائمة بشؤونها في أنظار الناقصين.
ألا ترى حال الخدّام بالنسبة إلى مولاهم المعطي لهم ما يحتاجون إليه ، والمرئوسين بالنسبة إلى رئيسهم الّذي ينعم عليهم ويدفع عنهم جملة من المخاوف ، والاولاد الصغير بالنسبة إلى الوالدين ، والزوجة بالنسبة إلى زوجها ، والمريض
__________________
(١) قال ـ عليهالسلام ـ في دعاء الافتتاح : «الحمد لله الفاشي فى الخلق أمره ـ إلى أن قال : ـ الذي لا تنقص خزائنه ، ولا يزيده كثرة العطاء إلا جودا وكرما.» فراجع كتب الادعية.