في الجملة ما ورد من أنّ :
«العلم يهتف بالعمل فان أجابه وإلا ارتحل [عنه]» (١).
وقوله سبحانه :
(وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ)(٢).
وغير ذلك ، والتفصيل موكول إلى محلّه.
وأيضا فانّه إذا عاند الآيات والبيّنات بعد ظهورها ووضوحها استحقّ بذلك اللّعن والخذلان ، والتخلية بينه وبين الشيطان الغويّ ، وتركه في الظلمة ، وسلب نور البصيرة عنه ، هذا.
ولو شبّه البرق بالبشارات الواردة عليهم فلعلّ مقاربتها لخطف أبصارهم لاجل أنّها من البشارات المتعلّقة بالعاجلة الّتي هي بأنفسها كالبرق أيضا في عدم الثبات والبقاء ، والمنافقون لكونهم معرضين عن الآخرة ، وتوحّد همّهم في الدنيا ، إذا سمعوا بشرى عاجلة تطلّعت نفوسهم إليها شوقا بحيث كاد أن تطير عقولهم لأجلها ؛ كالكاملون في الايمان بالقياس إلى ذكر أوصاف المبدء والمعاد بخلاف المؤمنين الّذين لا يأسون على ما فاتهم منها ، ولا يفرحون بما آتاهم.
__________________
(١) هو من حكم أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، فراجع نهج البلاغة ، ح ٣٦٦ ، ص ٥٣٩ ؛ وكذا رواه المجلسي (ره) في البحار ، ج ٢ ، باب استعمال العلم والاخلاص في طلبه ، ص ٣٣ ، ح ٢٩ ، وص ٤٠ ، ح ٧١ ، عن عوالي اللئالي ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، وعن منية المريد ، عن أبى عبد الله ـ عليهالسلام ـ ؛ وقال في ذيله : «يهتف بالعمل أي : العلم طالب للعمل ، ويدعو الشخص إليه ، فان لم يعمل الشخص بما هو مطلوب العلم ومقتضاه فارقه».
(٢) التوبة / ١١٥.